للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتَّبَعُ يكون واحدًا وجماعةً في قول بعض نحويِّى البصرةِ، وفي قولِ بعضِ نحويِّى الكوفةِ جمعٌ لا واحدَ له؛ لأنَّه كالمصدر. قال: وإن شئت كان واحده "تابع"، فيكون مثل خائل وخَوَلٍ، وغائب وغَيَبٍ (١).

والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندى أنه جمعٌ، واحده تابع، وقد يجوز أن يكون واحدًا، فيكون جمعه "أتباع".

فأجابهم [المتبوعون بما أخبر الله عنهم؛ ﴿قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا﴾ وهم الرؤساء المَتْبُوعون] (٢) على الضلالة في الدنيا: إنَّا أيُّها القوم وأنتم، كُلُّنا في هذه النارِ مُخَلَّدون، لا خلاص لنا منها، ﴿إِنَّ الله قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ﴾ بِفَصْلِ قضائِه، فأسكن أهل الجنة الجنةَ، وأهل النارِ النارَ، فلا نحن مما نحن فيه من البلاءِ خارجون، ولا هم مما هم فيه من النعيم مُنْتَقِلون.

ورفع قوله: ﴿كُلٌّ﴾. بقوله: ﴿فِيهَا﴾. ولم يُنْصَبْ على النعتِ.

وقد اختلف في جواز النصب في ذلك في الكلام. وكان بعضُ نحويِّي البصرةِ يقولُ: إذا لم تُضَفْ "كلّ" لم يجز الإتباعُ.

وكان بعض نحويِّى الكوفة يقولُ: ذلك جائزٌ في الحذفِ وغير الحذفِ؛ لأن أسماءَها إذا حذفت اكتفى بها منها.

وقد بَيَّنا الصوابَ من القول في ذلك فيما مضَى، بما أغنى عن إعادته (٣).

القولُ في تأويل قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ (٤٩) قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ


(١) ينظر اللسان (ت ب ع).
(٢) في ت ٢، ت: ٣ "المتبعون".
(٣) ينظر ما تقدم في ٦/ ١٦٨.