للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا جَرِيرٌ، عن عطاءٍ، عن عامرٍ: لمَّا حضَر أبا طالبٍ الموتُ، قال له النبيُّ : "يا عَمَّاهُ، قُلْ: لا إله إلا اللهُ. أَشْهَدُ لك بها يومَ القيامةِ". فقال له: يابنَ أخى، إنه لولا أن يكونَ عليك عارٌ، لم أَبالِ أن أفْعَلَ. فقال له ذلك مرارًا، فلمَّا مات اشتدَّ ذلك على النبيِّ ، وقالوا: ما تَنْفَعُ قرابةُ أبي طالبٍ منك. فقال: "بلى والذي نَفْسي بيده، إنه الساعةَ لفي ضَحْضَاحٍ (١) مِن النارِ، عليه نَعْلان من نارٍ، تَغْلى منهما أُمُّ رأسِه، وما مِن أهلِ النارِ مِن إنسانٍ هو أَهْوَنُ عذابًا منه". وهو الذي أنْزَل الله فيه: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ (٢).

وقوله: ﴿وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾. يقولُ: وهو أعلمُ بمَنْ قُضِى له الهدى.

كالذي حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾. قال: بَمَنْ قَدَّر له الهُدَى والضَّلالَة (٣).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جُرَيجٍ، عن مجاهدٍ مثلَه

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ


(١) الضحضاح في الأصل: ما رَقَّ من الماء على وجه الأرضِ ما يبلغ الكعبين. فاستعاره للنار. النهاية ٣/ ٧٥.
(٢) أخرجه هناد في الزهد (٣٠٦) من طريق عطاء به نحوه.
(٣) تفسير مجاهد ص ٥٣٠، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٩٩٥، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٣٤ إلى الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر.