للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و (١) كذا، ومِن الأنعامِ والحَرْثِ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (١٤)﴾.

يعنى بقولِه جل ثناؤُه: ﴿ذَلِكَ﴾ جميعَ ما ذَكَر في هذه الآيةِ مِن النساءِ والبنينَ، والقَناطيرِ المقنطرةِ مِن الذهبِ والفضةِ، والخيلِ المسوَّمةِ، والأنعامِ والحرثِ، فكنَى بقولِه: ﴿ذَلِكَ﴾ عن جميعِهن، وهذا يَدُلُّ على أن "ذلك" يَشْتَمِلُ على الأشياءِ الكثيرةِ المختلفةِ المعاني، ويُكْنَى به عن جميعِ ذلك.

وأما قولُه: ﴿مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾. فإنه خبرٌ مِن اللَّهِ عن أن ذلك كلَّه مما يَسْتَمْتِعُ به في الدنيا أهلُها أحْياءً، فيَتَبَلَّغون به فيها، ويَجْعَلونه وُصْلةً (٢) في معايِشِهم، وسببًا لقَضاءِ شَهواتِهم، التي زُيِّن لهم حبُّها (٣) في عاجلِ دنياهم، دونَ أن يَكونَ عُدَّةً لمَعادِهم، وقُرْبةً لهم إلى ربِّهم، إلا ما أُسْلِك في سبيلِه، وأُنْفِق منه فيما أمرَ به.

وأما قولهُ: ﴿وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾. فإنه يعنى بذلك جل ثناؤُه: وعندَ اللهِ حُسْنُ المَآبِ، يعني: حسنُ المَرْجِعِ.

كما حدَّثني موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسْباطُ، عن السُّديِّ: ﴿وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾. يقولُ: حسنُ المُنقَلبِ، وهى الجنةُ (٤).

وهو مصدرٌ على مثالِ مَفْعَلٍ، مِن قولِ القائلِ: آبَ الرجلُ إلينا، إذا رجَع، فهو يَئُوبُ إيابًا وأَوْبةً وأَيْبةً ومَآبًا. غيرَ أن موضعَ الفاءِ منها مَهْموزٌ، والعينُ مُبْدَلَةٌ مِن الواوِ


(١) بعده في م، ت ١، س: (من).
(٢) الوُصْلةُ: الذريعة. اللسان (و ص ل).
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "حملها".
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (٢/ ٦١٢) (٣٢٧٨) من طريق عمرو بن حماد به.