للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فحَرَّم اللهُ ذلك ونهَى عنه (١).

قال أبو جعفرٍ: وأولى القولين بتأويلِ الآيةِ قولُ مَن قال: معنى ذلك: وتَرْغَبون عن أن تَنْكِحوهن؛ لأن حَبْسَهم (٢) أموالَهن عنهن مع عَضْلِهم (٣) إياهنَّ؛ إنما كان ليَرِثوا أموالَهن دونَ زوجٍ إن تَزَوَّجْنَ، ولو كان الذين حبَسوا عنهنَّ أموالَهن إنما حَبَسوها عنهنَّ رغبةً في نكاحِهنَّ، لم يَكُنْ للحَبْسِ عنهنَّ وجةٌ معروفٌ؛ لأنهم كانوا أولياءَهن، ولم يَكُنْ يَمْنَعُهم مِن نكاحِهنَّ مانعٌ، فيَكُونَ به حاجةٌ إلى حَبْسِ مالِها عنها؛ لِيَتَّخِذَ حَبْسَه (٤) عنها سببًا إلى إنكاحِها نَفْسَها منه.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ﴾.

يعنى بذلك جلَّ ثناؤُه: ويَسْتَفتونك في النساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكم فيهن، وفيما يُتْلَى عليكم في الكتابِ، وفى المُسْتَضْعَفِين مِن الولدانِ، وفى أن تَقُوموا لليتامى بالقِسْطِ.

وقد ذَكَرْنا الرِّوايةَ بذلك عمَّن قاله مِن الصحابةِ والتابعين فيما مضَى. والذي أفتاهم في أمرِ المُسْتَضْعَفِين مِن الوِلْدانِ، أن يُؤْتوهم (٥) حُقوقَهم مِن الميراثِ؛ لأنهم كانوا لا يُوَرِّثون الصِّغارَ مِن أولادِ المَيِّتِ، وأَمَرَهم أن يُقْسِطوا فيهم فيَعْدِلوا ويُعْطوهم فَرائِضَهم على ما قسَم اللهُ لهم في كتابِه.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٠٧٧ (٦٠٢٦) من طريق أبى صالح به مثله، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٣٢ إلى ابن المنذر.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "حبستم".
(٣) في الأصل، ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "عضلهن".
(٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "حبسها".
(٥) في الأصل، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "تؤتوهم".