للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نحنُ بما عندَنا وأنتَ بما … عندَك راضٍ والرأىُ مُخْتَلِفُ

فقال: راضٍ. ولم يقلْ: راضون. وقال الآخَرُ (١):

إِنَّ شَرْخَ (٢) الشبابِ والشَّعَرَ الأَسْـ … ـودَ ما لم يُعَاصَ كانَ جُنُونَا

فقال: يُعاصَ. ولم يقلْ: يُعاصِيا. في [أشباهِ ذلك] (٣) كثيرةٍ. ومنه قول اللهِ: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا﴾ [الجمعة: ١١]. ولم يقلْ: إليهما.

القول في تأويل قوله: ﴿يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (٣٥)﴾.

يقول تعالى ذكره: فبَشِّرْ هؤلاء الذين يكنزون الذهب والفضة، ولا يُخْرِجون حقوقَ الله منها، يا محمد، بعذابٍ أليمٍ - يومَ يُحْمَى عليها في نَارِ جَهَنَّمَ فاليومُ مِن صلةِ العذاب الأليم، كأنه قيل: يُبشِّرُهم بعذاب أليم يُعَذِّبُهم الله به في يومٍ يُحْمَى عليها.

ويعنى بقوله: ﴿يُحْمَى عَلَيْهَا﴾: تَدْخُلُ النارَ فيُوقَدُ عليها، أي: على الذهبِ والفضةِ التي كنزوها، ﴿فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكَوَى بِهَا جَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وظهورُهُمْ﴾. وكلُّ شيءٍ أُدْخِلَ النار، فقد أُحْمِيَ إحْماءً، يقال منه: أَحْمَيتُ الحديدةَ في النارِ أُحْمِيها إحْماءً.

وقوله: ﴿فَتَكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ﴾ يعني: بالذهب والفضةِ المكنوزة،


(١) هو حسان بن ثابت، والبيت في ديوانه ٢٨٢.
(٢) شرح الشباب: أوله، وقوته ونضارته. اللسان (ش ر خ).
(٣) في م: "أشياء".