للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: بل هذه الآية كانت نَزَلَت في أهل الإيمان، غير أنها نُسِخَت.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا عبد الله بن صالحٍ، قال: ثني معاوية بن صالحٍ، عن على بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ﴾: فأنزل الله بعد ذلك: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨، ١١٦]. فحَرَّم الله تعالى المغفرة على من مات وهو كافرٌ، وأَرْجَأَ أهل التوحيد إلى مَشِيئَتِه، فلم يُؤيسْهم من المغفرة المغفرة (١).

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندى بالصواب ما ذكره الثوريُّ أنه بلغه أنه في الإسلام. وذلك أن المنافقين كفارٌ، فلو كان مَعْنِيًّا به أهلَ النِّفاقِ، لم يكن لقوله: ﴿وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ﴾. معنًى مفهومٌ؛ لأنهم [إن كانوا] (٢) الذين قبلهم في معنًى واحدٍ، من أن جميعهم كفارٌ، فلا (٣) وَجْهَ لتَفْريقِ أحكامهم (٤)، و (٥) المعنى الذي من أجلِه بَطَل أن تكونَ توبةٌ؛ واحدٌ (٦). وفى تفرقة الله جلّ ثناؤه بين أسمائهم وصِفاتِهم، بأن سَمَّى أحدَ الصِّنفين كافرًا، ووَصف الصِّنْفَ الآخَرَ بأنهم أهلُ سَيئاتٍ، ولم يُسَمِّهم كفارًا، ما دَلَّ على افتراقِ مَعانِيهم.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٩٠١ (٥٠٢٠) من طريق عبد الله بن صالح به، دون قوله: وأرجأ أهل التوحيد إلى مشيئته وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٣١ إلى أبي داود في ناسخه وابن المنذر.
(٢) في م: "إن كانوا هم و"، وفى س: "إما كانوا".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "ولا".
(٤) في م، ت ١: "أحد منهم".
(٥) في م: "في".
(٦) بعده في م: "مقبولة".