يقولُ تعالى ذكرُه لخلقِه: أيُّها الناسُ، فهذا الذي يفعل هذه الأفعال، فيَرْزُقُكم مِن السماءِ والأرضِ، ويملك السمع والأبصارَ، ويُخْرِجُ الحَيَّ مِن الميت، والميتَ مِن الحيِّ، ويُدَبِّرُ الأمر - ﴿اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ﴾: لا شكَّ فيه، ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَل﴾، يقولُ: فأيُّ شيءٍ سِوى الحقِّ إلا الضلالُ؛ وهو الجَوْرُ عن قَصْدِ السبيل؟ يقولُ: فإذا كان الحقُّ هو ذا، فادِّعاؤكم غيره إلها وربًّا هو الضلالُ والذهاب عن الحق لا شك فيه، ﴿فَأَنَّى تُصْرَفُونَ﴾، يقولُ: فأى وجه عن الهُدَى والحقِّ تُصرفون، وسواهما تَسْلُكون، وأنتم مقرون بأن الذى تُصرفون عنه هو الحقُّ؟
يقولُ تعالى ذكرُه: كما قد صُرف هؤلاء المشركون عن الحقِّ إلى الضلالِ، ﴿كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ﴾، يقولُ: وَجَبَ عليهم قضاؤُه وحكمه في السابق من علمِه، ﴿عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا﴾، فخَرَجوا مِن طاعةِ ربِّهم إلى مَعْصيتِه، وكَفَرُوا به، ﴿أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ يقولُ: لا يُصَدِّقون بوحدانية الله ولا بنبوَّةِ نبيِّه ﷺ.