للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (٣٨) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (٣٩) قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (٤٠)﴾.

يقولُ تعالى ذِكرُه: قالوا: ما صالحٌ إلَّا رجلٌ اختَلقَ على اللهِ كذبًا في قولِه: ما لكم من إلهٍ [غيرُ اللهِ] (١). وفى وعدِه إياكم ﴿أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ﴾.

وقولُه: ﴿هُوَ﴾ من ذِكرِ الرسولِ، وهو صالحٌ، ﴿وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ﴾. يقولُ: وما نحن له بمصدِّقين فيما يقولُ أنه لا إلهَ لنا غيرُ اللهِ، وفيما يعدُنا من البعثِ بعد المماتِ.

وقولُه: ﴿قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ﴾. يقولُ: قال صالحٌ لما أيِسَ من إيمانِ قومِه باللهِ، ومن تصديقِهم إياه بقولِهم: ﴿وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ﴾: رَبِّ انصُرْني على هؤلاء ﴿بِمَا كَذَّبُونِ﴾.

يقولُ: بتكذيبِهم إياى فيما دعوتُهم إليه من الحقِّ. فاستغاثَ صلواتُ اللهِ عليه بربِّه من أذاهم إياه، وتكذيبِهم له، فقال اللهُ له مجيبًا في مسألتِه إياه ما سأل: عن قليلٍ يا صالحُ ليُصبِحَنّ مكذِّبوك من قومِك على تكذيبِهم إياك نادمين، وذلك حين تَنزِلُ بهم نقمتُنا فلا ينفَعُهم الندمُ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤١)﴾.

يقولُ تعالى ذِكرُه: فانتقَمنا منهم، فأرسَلْنا عليهم الصيحةَ، فأخَذَتهم بالحقِّ. وذلك أنَّ الله عاقَبهم باستحقاقِهم العقابَ منه؛ بكفرِهم به، وتكذيبِهم رسولَه،


(١) في ت ٢: "غيره".