للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فنصْبُ "هيهاتَ" بمنزلةِ هذه الهاءِ التى في "رُبت"؛ لأنها دخَلت على حرفٍ؛ على "رُبَّ"، وعلى "ثم"، وكانا أداتين، فلم تغيِّرْهما عن أداتِهما فنُصِبا.

واختَلَفت القرأةُ فى قراءةِ ذلك؛ فقرَأته قرأةُ الأمصارِ غير أبي جعفرٍ: ﴿هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ﴾ بفتحِ التاءِ فيهما. وقرَأ ذلك أبو جعفرٍ: (هيهاتِ هيهاتِ) بكسر التاءِ فيهما (١). والفتحُ فيهما هو القراءةُ عندَنا؛ لإجماعِ الحجةِ من القرأةِ عليه.

وقولُه: ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا﴾. يقولُ: ما حياةٌ إلا حياتُنا الدنيا التي نحن فيها ﴿نَمُوتُ وَنَحْيَا﴾. يقولُ: تموتُ الأحياءُ منا فلا تحيا، ويَحدُثُ آخرون منا فيولدون أحياءً، ﴿وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ﴾. يقولُ: قالوا: وما نحن بمبعوثين بعدَ المماتِ.

كما حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ﴾ (٢). قال: يقولُ: ليس آخرةٌ ولا بعثٌ؛ يكفرون بالبعثِ، [يقولون: إنما هى حياتُنا هذه، ثم نموتُ ولا نحيا؛ يموتُ هؤلاء ويحيا هؤلاء] (٣). يقولون: إنما الناسُ كالزرعِ، يُحصدُ هذا ويَنبُتُ هذا. يقولون: يموتُ هؤلاء ويأتى آخرون. وقرأ: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ [سبأ: ٧] وقرأ: ﴿لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ﴾ (٤) [سبأ: ٣].


(١) النشر ٢/ ٢٤٦.
(٢) بعد فى ت ١: "بعد الممات".
(٣) سقط من: ت ٢.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، ف: "لتبعثن".