للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سحابٌ مركومٌ.

وقولُه: ﴿فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ﴾. يقولُ - جلَّ وعزَّ - لنبيِّه محمدٍ ﷺ: فدَعْ يا محمدُ هؤلاء المشركين حتى يُلاقوا يومَهم الذي فيه يَهْلِكون. وذلك عندَ النَّفخةِ الأولى.

واختَلَفت القرَأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿يُصْعَقُونَ﴾؛ فقرَأته عامَّةُ قرَأةِ الأمصارِ سوى عاصمٍ بفتحِ الباءِ من (يَصْعَقُونَ). وقرَأه عاصمٌ: ﴿يُصْعَقُونَ﴾ بضمِّ الياءِ (١). والفتحُ أعجبُ القراءتين إلينا؛ لأنه أفصَحُ اللغتين وأشهرُهما، وإن كانت الأخرى جائزةً، وذلك أن العربَ تقولُ: صَعِق الرجلُ وصُعِق، وسَعِد وسُعِد.

وقد بيَّنا معنى الصَّعْقِ بشواهدِه وما قال فيه أهلُ التأويلِ فيما مضَى، بما أغنَى عن إعادتِه (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٦) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٤٧)﴾.

قال أبو جعفرٍ ﵀: يعني ﷻ: يومَ لا يُغنى عنهم كيدُهم شيئًا (٣) يومَ القيامةِ حتى يُلاقوا يومَهم الذي فيه يُصْعقون. ثم بَيَّن عن ذلك اليومِ، أيُّ يومٍ هو، فقال: ﴿يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا﴾. يعني: مكرُهم أنه لا يدفَعُ عنهم مِن عذابِ اللَّهِ شيئًا. فاليومُ الثاني ترجمةٌ عن اليومِ الأوَّلِ.

وقولُه: ﴿وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾. يقولُ: ولا هم ينصُرُهم ناصرٌ، فيَستَقيدَ لهم ممَّن عذَّبهم وعاقَبهم.


(١) قرأ ابنُ عامر وعاصم بضم الياء والباقون بفتحها. النشر ٢/ ٢٨٣.
(٢) ينظر ما تقدم في ١/ ٦٩٠، ٦٩١.
(٣) بعده في ت ١: "يغنى مكرهم".