قال: ثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ، قال: إن أولَ سورةٍ أُنزِلت: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾، ثم ﴿ن وَالْقَلَمِ﴾ [القلم: ١].
حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا مِهْرانُ، عن سفيانَ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ مثلَه:
وقوله: ﴿عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾. يقولُ تعالى ذكره: علَّم الإنسان الخطَّ بالقلمِ ولم يكُنْ يَعْلَمُه، مع أشياءَ غيرِ ذلك مما علَّمه ولم يكُنْ يَعْلَمُه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني يونس، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زِيدٍ في قولِ اللَّهِ: ﴿عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾. قال: علَّم الإنسانَ خطًّا بالقلمِ.
وقوله: ﴿كَلَّا﴾. يقول تعالى ذكرُه: ما هكذا ينبغي أن يكون الإنسانَ؛ أن يُنَعِمَ عليه ربُّه بتسويتِه خَلْقَه، وتعليمه ما لم يكنْ يعلم، وإنعامِه بما لا كُفْءَ له، ثم يكفرَ بربِّه الذي فعَل به ذلك، ويَطْغَى عليه؛ أن رأه استَغنَى.
وقوله: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى﴾. يقولُ: إن الإنسانَ ليتجاوزُ حدَّه، ويستكبِرُ على ربِّه فيكفُرُ به؛ لأن رأى نفسه استَغنَتْ.
وقيل: ﴿أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى﴾؛ لحاجة "رأَى" إلى اسمٍ وخبرٍ، وكذلك تفعَلُ العرب في كلِّ فعْلٍ اقتضى الاسمَ والفعلَ، إذا أوقَعه المخبِرُ عن نفسِه على نفسِه مُكَنيًا
= يونس بن بكير في زياداته على سيرة ابن إسحاق ص ١٠٣ وابن الضريس في الفضائل (٢٤)، والحاكم ٢/ ٢٢٠، وأبو نعيم في الحلية ١/ ٢٥٦ من طريق قرة به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٦٨ إلى ابن الأنبارى في المصاحف والطبراني وابن مردويه.