للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿قُلْنَا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ﴾. يقولُ: إما أن تَقْتُلَهم إن هم لم يدخُلُوا في الإقرارِ بتوحيدِ اللهِ، ويُذْعِنُوا لك بما تدعوُهم إليه من طاعةِ ربِّهم، ﴿وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا﴾. يقولُ: وإما أن تأسِرَهم فتُعَلِّمَهم الهُدَى وتُبَصِّرَهم: الرشادَ.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (٨٧)﴾.

يقولُ جلَّ ثناؤُه: ﴿قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ﴾. يقولُ: أما مَن كفَر فسوف نَقْتُلُه.

كما حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا معمرٌ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ﴾. قال: هو القتلُ (١).

وقولُه: ﴿ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا﴾. يقولُ: ثم يرجِعُ إِلى اللَّهِ بعدَ قتلِه، فيعذِّبُه عذابًا عظيمًا؛ وهو النُّكْرُ، وذلك عذابُ جهنَّمَ.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (٨٨)﴾.

يقولُ: وأما مَن صدَّق اللَّهَ منهم ووحَّده، وعمل بطاعتِه، فله عندَ اللهِ الحسنى؛ وهى الجنةُ، ﴿جَزَاءً﴾، يعني: ثوابًا على إيمانِه، وطاعتِه ربَّه.

وقد اختلَفت القرأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأتْه عامةُ قرأةِ أهلِ المدينةِ وبعضُ أهلِ البصرةِ والكوفةِ: (فَلَهُ جَزَاءُ الحُسْنَى) برفعِ الجزاءِ وإضافتِه إلى


(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ٤١٢، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٤٩ إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.