للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التي لا يَقْبَلُ اللَّهُ من أحدٍ عملًا حتى يقولَها، فإذا قال: الحمدُ للَّهِ. فهي كلمةُ الشكرِ، التي لم يَشْكُرِ اللَّهَ عبدٌ قطُّ حتى يقولَها، فإذا قال: اللَّهُ أكبرُ. فهى تملأُ ما بينَ السماءِ والأرضِ، فإذا قال: سبحانَ اللَّهِ. فهى صلاةُ الخلائقِ التي لم يَدْعُ اللَّهُ أحدًا من خلقِه إلا قرَّره (١) بالصلاةِ والتسبيحِ، فإذا قال: لا حولَ ولا قوةَ إلا باللَّه. قال: أسلَم عبدى واستسلَم (٢).

وقولُه: ﴿وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ولكن لا تفقَهون تسبيحَ ما عدا تسبيحَ مَن كان يُسبَّحُ بمثلِ ألسنتِكم. ﴿إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا﴾ يقولُ: إن اللَّهَ كان حليمًا، لا يَعْجَلُ على خلقِه الذين يخالفون أمرَه ويكفُرون به، ولولا ذلك لعاجَل هؤلاء المشركين الذين يدْعُون معه الآلهةَ والأندادَ بالعقوبةِ. ﴿غَفُورًا﴾ يقولُ: ساترًا عليهم ذنوبَهم، إذا هم تابوا منها بالعفو منه لهم.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا﴾: عن خلقِه، فلا يَعْجَلُ كعجلةِ بعضِهم على بعضٍ، ﴿غَفُورًا﴾ لهم إذا تابوا (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (٤٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وإذا قرأتَ يا محمدُ القرآنَ على هؤلاء المشركين الذين لا


(١) في م: "نوره"، وفي ت ١: "أمره". وقرره بالصلاة والتسبيح: جعله يُقِرّ بهما ويعترف.
(٢) أخرجه الطبراني في الدعاء (١٦٠٢)، والخطيب في الموضح ١/ ٣٠٢ من طريق سعيد به، وأخرجه أبو نعيم في الحلية ٩/ ١٧ من طريق قتادة به، وأخرجه معمر في جامعه (٢٠٥٧٩) عن قتادة أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال … فذكره، كما ذكره ابن كثير في تفسيره ٥/ ٧٦.
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٨٥ إلى المصنف وابن أبي حاتم.