للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُصَدِّقون بالبعثِ، ولا يُقرِّون بالثوابِ والعقابِ، جعَلنا بينَك وبينَهم حجابًا، يَحجُبُ قلوبهم عن أن يَفْهَموا ما تقرؤُه عليهم؛ فينتفِعوا به، عقوبةً منا لهم على كفرِهم. والحجابُ ههنا هو الساترُ.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا﴾: الحجابُ المستورُ أكنَّةٌ على قلوبِهم أن يَفْقَهوه وأن ينتفعوا به، أطاعوا الشيطانَ فاستحوَذ عليهم (١).

حدَّثنا محمدٌ، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿حِجَابًا مَسْتُورًا﴾. قال: هي الأكنَّةُ (٢).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرَنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا﴾. قال: قال أبي: لا يَفقَهونه، وقرأ: [﴿وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ] (٣) وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا﴾. فهم لا يَخْلُصُ ذلك إليهم.

وكان بعضُ نحوييِّ أهل البصرة يقولُ: معنى قولِه: ﴿حِجَابًا مَسْتُورًا﴾: حِجابًا ساترًا، ولكنه أُخرِج وهو فاعلٌ في لفظِ المفعولِ، كما يقالُ: إنك مشئومٌ علينا وميمونٌ. وإنما هو شائمٌ ويامنٌ؛ لأنه مِن شأَمهم ويَمَنَهم. قال: والحجابُ ههنا هو الساترُ. وقال: ﴿مَسْتُورًا﴾.

وكان غيرُه من أهلِ العربيةِ يقولُ: معنى ذلك: حجابًا مستورًا عن العبادِ فلا يرونه.


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٨٦ إلى المصنف وابن أبي حاتم.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٣٧٩ عن معمر به.
(٣) في النسخ: "قلوبهم في أكنة". والصواب ما أثبتناه.