للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الأُذُنان، فإن في إجماعِ جميعِهم على أن ترْكَ غسلِهما، أو غسلِ ما أقْبَل منهما مع الوجهِ، غيرُ مُفْسِدٍ صلاةَ مَن صلَّى بطهرِه الذي ترَك فيه غسلَهما، مع إجماعِهم جميعًا على أنه لو ترَك غسلَ شيءٍ مما يَجِبُ عليه غسلُه مِن وجهِه في وُضوئِه، أن صلاتَه لا تُجْزِئُه بطُهورِه ذلك - ما يُنْبِئُ عن أن (١) القولَ في ذلك ما (٢) قاله أصحابُ رسولِ اللَّهِ ما الذي ذكَرْنا قولَهم: إنهما ليسا مِن الوجهِ. دونَ ما قاله الشعبيُّ.

القولُ في تأويلِ قولِه عزّ ذكرُه: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾.

اختَلَف أهلُ التأويلِ في "المرَافقِ"، هل هي مِن اليَدِ الواجبِ غسلُها أم لا؟ بعدَ إجماعِ جميعِهم على أن غسلَ اليدِ إليها واجبٌ. فقال مالكُ بنُ أنسٍ، وسُئِل عن قولِ اللَّهِ: ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾: أتَرَى أَن يُخْلِفَ المرفقين في الوضوءِ؟ قال: الذي أُمِر به أن يَبْلُغَ المرفقين، قال : ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾. يذْهَبُ (٣) هذا يَغْسِلُ خلفَه! فقيل له: فإنما يَغْسِلُ إلى المرفقين والكعبين لا يُجاوِزُهما؟ فقال: لا أدْرِى ما "لا يُجاوِزُهما"، أما الذي أُمِر به أن يَبْلُغَ به فهذا؛ إلى المرفقين والكعبين.

حدَّثنا يونسُ، عن أشْهَبَ عنه (٤).

وقال الشافعيُّ: لم أَعْلَمْ مُخالفًا في أن المرافقَ فيما يُغْسَلُ. كأنه يَذْهَبُ إلى أن معناها: فاغسلُوا وجوهَكم وأيديَكم إلى أن تُغْسَلَ المرافقُ.


(١) سقط من النسخ، ولابد منها لاستقامة السياق.
(٢) في م: "مما".
(٣) في ص، ت ٢، ت ٣: "مذهب".
(٤) ينظر تفسير القرطبي ٦/ ٨٦، والفتح ١/ ٢٩٢.