للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وليس ذلك بالمدحِ؛ لأن المدحَ والثناءَ قولٌ، وإنما يُثْنِي ويَمدَحُ ما قد رَضِى. قالوا: فالرضا معنًى، والثناءُ والمدحُ معنًى ليس به (١).

ويعنى بقوله: ﴿سُبُلَ السَّلَامِ﴾: طرُقَ السلامِ. والسلامُ هو اللهُ عزَّ ذكرُه.

حدثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بن مفضَّلٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّديِّ: ﴿مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ﴾: سبيلُ (٢) اللهِ الذي شرَعه لعبادِه، ودَعاهم إليه، وابْتَعث به رسلَه، وهو الإسلامُ الذي لا يَقْبَلُ من أحدٍ عملًا إلا به، لا اليهوديةِ، ولا النصرانيةِ، ولا المجوسيةِ (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ﴾.

يقولُ عزَّ ذكرُه: يهدى اللهُ بهذا الكتابِ المبين من اتَّبَع رضوانَ اللهِ إلى سبلِ السلامِ وشرائعِ دينِه، ﴿وَيُخْرِجُهُمْ﴾. يقولُ: و (٤) يُخْرِجُ مَن اتَّبع رضوانَه - والهاءُ والميمُ في: ﴿وَيُخْرِجُهُمْ﴾ (٥). مِن ذِكْرِ: ﴿مَنِ﴾ (٦) - ﴿مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾. يعنى: من ظلماتِ الكفرِ والشركِ إلى نورِ الإسلامِ وضيائِه، ﴿بِإِذْنِهِ﴾. يعنى: بإذنِ اللهِ جلَّ وعزَّ. وإذنُه في هذا الموضعِ تحبيبُه إيَّاه الإيمانَ برفعِ طابَعِ الكفرِ عن قلبِه، وخاتَمِ الشركِ عنه، وتوفيقِه لإبصارِ سبلِ السلامِ.


(١) وهذا مذهب السلف، إثبات صفة الرضا وغيرها من الصفات كالغضب والحب والبغض التي ورد بها الكتاب والسنة، ويمنعون تأويلها الذي يصرفها عن حقائقها اللائقة بالله تعالى. ينظر شرح العقيدة الطحاوية ٢/ ٦٨٤، وفهارس مجموع الفتاوى.
(٢) في ص: "الله هو السلام وسبل"، وفى ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "وسبل".
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٦٩ إلى المصنف.
(٤) بعده في م: "من".
(٥) بعده في م: "إلى".
(٦) سقط من: م. ويقصد بـ "من" التي في قوله تعالى: ﴿مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ﴾.