للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأحسَبُه أراد بذلك أن معرِفَته وعلمَه بما أسلَف في الدنيا شاهدُ عدلٍ عليه، فشبَّه بصرَه بذلك بلسانِ الميزانِ، الذي يُعدلُ به الحقُّ في الوزنِ، ويُعرَفُ مبلغُه الواجبُ لأهلِه، عما زاد على ذلك أو نقَص، فكذلك علمُ مَن وافى القيامةَ بما اكتسَب في الدنيا، شاهدُ عدلٍ (١) عليه كلسانِ الميزانِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (٢٣) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (٢٤) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (٢٥)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يقولُ تعالى ذكرُه: وقال قرينُ هذا الإنسانِ الذي جاء ربَّه (٢) يومَ القيامةِ معه سائقٌ وشهيدٌ.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ﴾: الملَكُ (٣).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ﴾ إلى آخرِ الآيةِ. قال: هذا سائقُه الذي وكِّل به، وقرَأ: ﴿وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ﴾.

وقولُه: ﴿هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه مُخبِرًا عن قيلِ قَرينِ هذا الإنسانِ عندَ موافاتِه ربَّه به: ربِّ هذا ما لديَّ عتيدٌ. يقولُ: هذا الذي هو عندِي مُعَدٌّ محفوظٌ.


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) في م: "به".
(٣) ذكره القرطبي في تفسيره ١٧/ ١٦.