للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمُتابَعةُ صومُ الشهرين ممَّا (١) لا يَقْطَعُه بإفطارِ بعضِ أيامِه لغيرِ علةٍ حائلةٍ بينَه وبينَ صومِه.

ثم قال جل ثناؤُه: ﴿تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ﴾. يعنى: رجعةً (٢) مِن اللهِ لكم إلى التيسيرِ عليكم (٣)، بتخفيفِه عنكم ما خفّف عنكم مِن فرضِ تحريرِ الرقبةِ المؤمنةِ إذا أعْسَرْتُم بها، بإيجابِه عليكم صومَ شهرين مُتتابعين، ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾. يقولُ: ولم يَزَلِ اللهُ عليمًا بما يُصْلِحُ عبادَه فيما يُكَلِّفُهم مِن فرائضِه، وغير ذلك، حكيمًا بما يَقْضِى فيهم ويُرِيدُ.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (٩٣)﴾.

يعنى بذلك جلَّ ثناؤُه: ومَن يَقْتُلْ مؤمنًا عامدًا قتلَه، مُريدًا إتلافَ نفسِه ﴿فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ﴾. يقولُ: فثوابُه مِن قتلِه إياه ﴿جَهَنَّمُ﴾، يعنى: عذابَ جهنمَ ﴿خَالِدًا فِيهَا﴾، يعني: باقيًا فيها، والهاءُ والألفُ في قولِه: ﴿فِيهَا﴾ مِن ذكرِ جهنمَ، ﴿وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ﴾. يقولُ: وغضِب اللهُ عليه بقتلِه إياه متعمِّدًا، ﴿وَلَعَنَهُ﴾. يقولُ: وأَبْعَدَه مِن رحمتِه وأخْزاه، ﴿وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾. وذلك ما لا يَعْلَمُ قدْرَ مبلغِه سواه.

واخْتَلَف أهلُ التأويلِ في صفةِ القتلِ الذي يَسْتَحِقُّ صاحبُه أن يُسَمَّى متعمِّدًا، بعدَ إجماعِ جميعِهم على أنه إذا ضرَب رجلٌ رجلًا بحدِّ حَدِيدٍ يَجْرَحُ بحدِّه، أو


(١) في ص، ت ١: "وألا"، وفى م، ت ٢، ت ٣، س: "و".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "رحمة"، وفى م: "تجاوزًا".
(٣) في م: "عليه".