للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرحمنِ الرحيمِ. قالت قريشٌ: أما الرحمنُ فلا نَعْرِفُه. وكان أهلُ الجاهليةِ يَكْتُبون: باسمِك اللهمَّ. فقال أصحابُه: يا رسولَ اللَّهِ، دَعْنا نُقاتِلْهم. قال: "لا، ولكن اكتُبوا [كما يُريدون] (١) " (٢).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: قولُه: ﴿كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ﴾ الآية. قال: هذا لما كاتَب رسولُ اللَّهِ قريشًا في الحديبيةِ، كتَب: بسمِ اللَّهِ الرحمنِ الرحيمِ. قالوا: لا تَكْتُبِ الرحمنَ، وما ندرى ما الرحمنُ؟ ولا نَكْتُبُ (٣) إلا: باسمِك اللهمَّ. قال اللَّهُ: ﴿وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾. الآية.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا﴾.

اختلَف أهلُ التأويلِ في معنى ذلك؛ فقال بعضُهم: معناه: وهم يَكْفُرون بالرحمنِ ولو أنّ قرآنًا سُيِّرت به الجبالُ. أي: يَكْفُرون باللَّهِ ولو سَيَّر لهم الجبالَ بهذا القرآنِ. وقالوا: هو مِن المؤخَّرِ الذي معناه التقديمُ، وجعَلوا جوابَ "لو" مقدَّمًا قبلَها. وذلك أن الكلامَ على معنى قبلِهم: ولو أنَّ هذا القرآنَ [سُيِّرت به] (٤) الجبالُ أو قُطِّعت به الأرضُ لكفَروا بالرحمنِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي،، قال: ثنى أبي، عن


(١) في ف: "ما تريدون".
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٦٢ إلى المصنف وابن أبي حاتم وأبى الشيخ.
(٣) في ت ١، ف: "تكتب"، وغير منقوطة في ص.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "سيرته".