للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لهم، بغيرِ جُرْمٍ اجْتَرَموه بينَهم وبينَه؛ لأنه لا يُريدُ ظلمَ عبادِه ولا يَشاؤُه، ولكنَّه أهْلَكَهم بإجرامِهم وكفرِهم به وخِلافِهم أمْرَه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَيَاقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (٣٢) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (٣٣)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه مخبرًا عن قِيلِ هذا المؤمنِ لفرعونَ وقومِه: ﴿وَيَاقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ﴾ بِقَتْلِكم موسى إن قَتَلْتُموه عقابَ اللهِ ﴿يَوْمَ التَّنَادِ﴾.

واختَلفتِ القرأَةُ في قراءةِ قولِه: ﴿يَوْمَ التَّنَادِ﴾؛ فقرأ ذلك عامَّةُ قرأَةِ الأمصارِ: ﴿يَوْمَ التَّنَادِ﴾ بتخفيفِ الدالِ، وتركِ إثباتِ الياءِ (١)، بمعنى التَّفاعُلِ، مِن: تَنادَى القومُ تَنادِيًا. كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ﴾ [الأعراف: ٤٤]. وقال: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ﴾ [الأعراف: ٥٠]. فكذلك (٢) تَأَوَّلَه قارئو ذلك.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، قال: ثنا محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الأنصاريُّ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، أنه قال في هذه الآيةِ: ﴿يَوْمَ التَّنَادِ﴾. قال: يومَ يُنَادِى (٣) أهلُ النارِ أهلَ الجنةِ ﴿أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ﴾.

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَيَاقَوْمِ إِنِّي


(١) قرأ عاصم وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائى وخلف بغير ياء. السبعة لابن مجاهد ص ٥٦٨، والنشر ٢/ ٢٧٤.
(٢) في م، ت ٢، ت ٣: "فلذلك".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢: "ينادون".