كتاب تفسير الطبري جامع البيان - ت التركي

تفسير سورة طه - القول في تأويل قوله جل ثناؤه: ﴿وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما (١١١)﴾. - ج: 16 - ص: 171

بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾. [يقولُ: يعلمُ ما بين أيديهم] (١) مِن أمر الساعةِ، ﴿وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ (٢): من أمر الدنيا

وقوله: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾. يقول تعالى ذكرُه: ولا يُحِيطُ خلقُه به علمًا.

ومعنى الكلام أنه محيطٌ بعباده علمًا، ولا يُحِيطُ عباده به علمًا.

وقد زَعَم بعضُهم (٣) أن معنى ذلك، أن الله يعلم ما بين أيدى ملائكته وما خَلْفَهم، وأن ملائكته لا يُحيطون علمًا (٤) بما بين أيدى [أنفسها وما خلفها] (٥). وقال: إنما أعلم بذلك الذين كانوا يعبدون الملائكة، أن الملائكة كذلك لا تعلمُ ما بين أيديها وما خلفَها، مُوَبِّخَهم بذلك، ومعرِّفهم (٦) بأن مَن كان كذلك فكيف يُعْبَدُ (٧)! وأن العبادةَ إنما تصلُحُ لَمَن لا تَخْفَى عليه خافيةٌ في الأرضِ ولا في السماء.

القول في تأويل قولِه جل ثناؤه: ﴿وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (١١١)﴾.

يقول تعالى ذكره: استأْسرت (٨) وجوه الخلق واسْتَسْلَمَت للحيِّ الذي لا

---

(١) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ف.
(٢) بعده في ت ٢: "وراءهم".
(٣) ينظر معاني القرآن للفراء ٢/ ١٩٢.
(٤) فوقها إحالة في الأصل، وتوجد كلمة غير مقروءة في الحاشية.
(٥) في م: "أنفسهم وما خلفهم".
(٦) في ص: "مفزعهم"، وفى م، ت ١، ت ٢، ف: "مقرعهم".
(٧) في ت ٢، ت ٣: "يعبدون".
(٨) في م: "استسرت".