فارغًا من الحُزْنِ؛ لعلمِها بأنه لم يَغْرَقْ. قال: وهو من قولِهم: دمٌ فَرْغٌ. أي: لا قَوَدَ ولا دِيَةَ. وهذا قولٌ لا معنَى له؛ لخلافِه قولَ جميعِ أهلِ التأويلِ.
قال أبو جعفرٍ: وأَولى الأقوالِ في ذلك بالصوابِ عندى قولُ من قال: معناه: وأصبَح فؤادُ أمِّ موسى فارغًا من كلِّ شيءٍ إلا من هَمِّ موسى.
وإنما قلْنا: ذلك أَولى الأقوالِ فيه بالصوابِ؛ لدلالَةِ قولِه: ﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا﴾. ولو كان عنَى بذلك فراغَ قلبِها من الوحيِ، لم يُعْقِبْ بقولِه: ﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ﴾. لأنها إن كانت قارَبَت أن تُبْدِي الوحىَ، فلم تَكَدْ أن تُبْدِيَه إلا لكثرةِ ذكرِها إياه ووُلُوعِها به، ومحالٌ أن تكونَ به وَلِعةً إلا وهى ذاكرةٌ. وإذا كان ذلك كذلك، بطَل القولُ بأنها كانت فارغةَ القلبِ مما أُوحِى إليها. وأُخرى، أن اللَّهَ تعالى ذكرُه أخبَرَ عنها أنها أصبَحت فارغةَ القلبِ، ولم يَخْصُصْ فراغَ قلبِها من شيءٍ دونَ شيءٍ، فذلك على العمومِ، إلا ما قامَت حُجتُه أن قلبَها لم يَفْرُغُ منه.
وقد ذُكِر عن فَضَالةَ بن عُبيدٍ أنه كان يَقْرَؤُه:(وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فازعًا). من الفَزَعِ (١).
وقولُه: ﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ﴾. اختَلَفَ أهلُ التأويلِ في المعنَى الذي عادت عليه الهاءُ في قولِه: ﴿بِهِ﴾؛ فقال بعضُهم: هي من ذكرِ موسى، وعليه عادت.
ذكرُ من قال ذلك
حدَّثنا أبو كُرَيبٍ، قال: ثنا جابرُ بنُ نوحٍ، قال: ثنا الأعمشُ، عن مجاهدٍ،