للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورُوِى عن ابن عباسٍ في ذلك ما حدَّثني أحمدُ بنُ يوسفَ، قال: ثنا القاسمُ، قال: ثنا هُشَيمٌ، عن عوفٍ، عمَّن حدَّثه، عن ابن عباسٍ، أنه كان يقرؤُها: (وذلك أَفَكَهُمْ). يعنى: بفتحِ الألفِ والكافِ، وقال: أضَلُّهم (١).

فمَن قرَأ القراءةَ الأولى التي عليها قرَأةُ الأمصارِ، فالهاءُ والميمُ في موضعِ خفضٍ. ومَن قرَأ هذه القراءةَ التي ذكَرناها عن ابن عباسٍ، فالهاءُ والميمُ في موضعِ نصبٍ؛ وذلك أن معنى الكلامِ على ذلك: وذلك صَرَفَهم عن الإيمانِ باللهِ.

والصوابُ مِن القراءةِ في ذلك عندَنا القراءةُ التي عليها قرَأةُ الأمصارِ؛ لإجماعِ الحُجَّة عليها.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (٢٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه مُقَرِّعًا كفارَ قريشٍ بكفرِهم بما آمَنت به الجنُّ: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ﴾ يا محمدُ ﴿نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ﴾. ذُكِر أنهم صُرِفوا إلى رسولِ اللهِ بالحادثِ الذي حدَث من رجْمِهم بالشُّهُبِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا جريرٌ، عن مُغِيرةً، عن زيادٍ، عن سعيدِ بن جُبَيرٍ، قال: كانت الجنُّ تَسْتَمِعُ، فلما رُجِموا قالوا: إنَّ هذا الذي حدث في السماءِ لشيءٍ حدَثَ في الأرضِ، فذهَبوا يَطْلُبون، حتى رأَوا النبيَّ خارِجًا من سوقِ عكاظٍ يُصلِّى بأصحابِه الفجرَ، فذهَبوا إلى قومِهم.


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٤٤ إلى المصنف، وينظر مختصر الشواذ لابن خالويه ص ١٤٠.