داودَ، ﴿وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا﴾. يقولُ: وَكلَّهم من داودَ وسليمانَ والرسلِ الذين ذكَرهم في أوّلِ هذه السورةِ ﴿آتَيْنَا حُكْمًا﴾، وهو النبوَّةُ، ﴿وَعِلْمًا﴾. يعنى: وعلْمًا بأحكامِ اللهِ.
وبنحوِ الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا أبو كريبٍ وهارونُ بنُ إدريسَ الأصمُّ، قالا: ثنا المحاربيُّ، عن أشعثَ، عن أبي إسحاقَ، عن مرَّةَ، عن ابن مسعود في قولِه: ﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ﴾، قال: كَرْمٌ قد أنبتَت عناقيدُه فأفسَدته. قال: فقضَى داودُ بالغنمِ لصاحبِ الكرْمِ، فقال سليمانُ: غير هذا يا نبيَّ اللهِ. قال: وما ذاكَ؟ قال: يُدفَعُ الكرْمُ إلى صاحبِ الغنمِ، فيقومُ عليه حتى يعودَ كما كان، وتُدفَعُ الغنمُ إلى صاحبِ الكرْمِ فيُصيبُ منها، حتى إذا كان الكرْمُ كما كان، دفَعتَ الكرمَ إلى صاحبِه، ودفَعتَ الغنمَ إلى صاحبِها. فذلك قولُه: ﴿فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ﴾ (١).
حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ﴾ إلى قولِه: ﴿وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ﴾. يقولُ: كنا لما حكَما شاهدين؛ وذلك أن رجُلين دخَلا على داودَ، أحدُهما صاحبُ حرْثٍ، والآخرُ صاحبُ غنَمٍ، فقال صاحبُ الحرْثِ: إن هذا أرسَل غنَمَه في حَرْثِى، فلم يُبْقِ من حَرْثى شيئًا. فقال له داودُ: اذهَبْ فإن الغنَمَ كلَّها لك. فقضَى بذلك داودُ، ومَرَّ صاحبُ الغنَمِ بسليمانَ فأخبرَه بالذي قضَى به داودُ، فدخلَ سليمانُ على داودَ، فقال: يا نبيَّ اللهِ، إن القضاءَ سِوى الذي قضَيْتَ. فقال: كيف؟ قال سليمانُ: إِن الحَرْثَ لا يَخْفَى