للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا أبو حذيفةَ، قال: ثنا شبلٌ، عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ﴾: الفريقان، الكافران و (١) المؤمنان. فأما الأعمى والأصمُّ فالكافران، وأما البصيرُ والسميعُ فهما المؤمنان.

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ﴾ الآية، هذا مَثَلٌ ضَرَبَه اللَّهُ للكافرِ والمؤمنِ، فأما الكافرُ فصَمَّ عن الحقِّ فلا يسمعُه، وعَمِيَ عنه فلا يُبْصِرُه. وأما المؤمنُ فسَمِعَ الحقَّ فانتَفَع به، وأبصَرَه فوَعاه وحَفِظَه وعَمِل به.

يقولُ تعالى: ﴿هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا﴾، يقولُ: هل يستوي هذان الفريقان، على اختلافِ حالتَيهما في أنفسِهما عندَكم أيُّها الناسُ؟ فإنهما لا يستويان عندَكم فكذلك حالُ الكافرِ والمؤمنِ لا يستويان عندَ اللَّهِ. ﴿أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ يقولُ، جلَّ ثناؤُه: أفلا تَعْتَبِرون أيُّها الناسُ وتتفكرون، فتَعْلَموا حقيقةَ اختلافِ أمرَيهما، فتَنْزجِروا عما أنتم عليه مِن الضلالِ إلى الهدى، ومِن الكفرِ إلى الإيمانِ؟ فالأعمى والأصمُّ والبصيرُ والسميعُ في اللفظِ أربعةٌ، وفي المعنى اثنان، ولذلك قيل: ﴿هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا﴾، وقيل: ﴿كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ﴾، والمعنى: كالأعمى الأصمِّ. وكذلك قيل: ﴿وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ﴾، والمعنى: البصيرِ السميعِ. كقولِ القائلِ: قام الظريفُ والعاقلُ. وهو يَنْعَتُ بذلك شخصًا واحدًا.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٥) أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٢٦)﴾.


(١) سقط من: م.