للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الضلالِ، ولكنِّى رسولٌ إليكم مِن ربِّ العالمين بما أمرتُكم به؛ مِن إفرادِه بالطاعةِ، والإقرارِ له بالوحدانيةِ، والبراءةِ مِن الأنْدادِ والآلهةِ.

القولُ في تأويلِ قوله جلَّ ثناؤُه: ﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٦٢)﴾.

وهذا خبرٌ مِن اللَّهِ جَلَّ ثناؤُه عن نبيِّه نوحٍ أنه قال لقومهِ الذين كَفروا باللهِ وكذَّبوه: ﴿وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. أرسَلني إليكم، فأنا أبلِّغُكم رسالات ربِّى، وأنصحُ لكم في تَحْذيرى إياكم عقابَ الله، على كفرِكم به، وتَكْذِيبِكم إيايَ، ورَدِّكم نَصيحَتي، ﴿وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ مِن أن عقابَه لا يُرَدُّ عن القومِ المجرمين.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ وعزَّ: ﴿أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٦٣)﴾.

وهذا خبرٌ مِن اللَّهِ جَلَّ ثناؤُه أيضًا عن قيلِ نوحٍ لقومِه أنه قال لهم، إذ رَدُّوا عليه نَصيحتَه في اللهِ، وأنكَروا أن يكونَ اللهُ بَعَثَه نبيًّا، وقالوا له: ﴿مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا * وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (٢٧)[هود: ٢٧]: ﴿أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾. يقولُ: أَوَ عَجِبْتُم أن جاءكم تذكيرٌ مِن اللهِ وعِظَةٌ، يُذَكِّرُكم بما أنزَل ربُّكم على رجلٍ منكم. قيل: معنى قولِه: ﴿عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ﴾: مع رجلٍ منكم. ﴿لِيُنْذِرَكُمْ﴾. يقولُ: ليُنْذِرَكم (١) بأسَ اللَّهِ، ويخوِّفَكم عقابَه على كفرِكم به،


* هنا نهاية الموجود من الجزء التاسع عشر من نسخة جامعة القرويين، والمشار إليه بالأصل، وسيجد القارئ بعد ذلك أرقام النسخة "ت ١" بين معكوفين.
(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "كما ينذركم".