للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويل قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (١٤)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: إن اللَّهَ يُدْخِلُ الذين صدَقوا اللَّهَ ورسولَه، وعمِلوا بما أمَرَهم اللَّهُ في الدنيا، وانْتَهَوْا عما نهاهم عنه فيها - ﴿جَنَّاتٍ﴾. يعنى: بساتينَ ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَار﴾. يقولُ: تجرى الأنهارُ مِن تحتِ أشجارِها، ﴿إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ﴾. فيُعْطِى ما شاء مِن كرامتِه أهلَ طاعتِه، وما شاء مِن الهَوانِ أهلَ معصيتِه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ (١٥) [وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (١٦)﴾] (١).

اختَلَف أهلُ التأويلِ في المعنيِّ بالهاءِ التي في قولِه: ﴿أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ﴾؛ فقال بعضُهم: عُنِى بها نبيُّ اللَّهِ . فتأويلُه على قولِ بعضِ قائلى ذلك: مَن كان مِن الناسِ يَحْسَبُ أن لن يَنْصُرَ اللَّهُ محمدًا في الدنيا والآخرةِ، فلْيَمْدُدْ بحبلٍ، وهو السببُ، ﴿إِلَى السَّمَاءِ﴾. يعنى: سماءِ البيتِ، وهو سقفُه، ﴿ثُمَّ لْيَقْطَعْ﴾. السببَ بعدَ الاختناقِ به، ﴿فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ﴾ (٢) اختناقُه ذلك، وقطعُه السببَ بعدَ الاختناقِ، ﴿مَا يَغِيظُ﴾. يقولُ: هل يُذْهِبَنَّ ذلك ما يَجِدُ في صدرِه مِن الغيظِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا نصرُ بنُ عليٍّ، قال: ثنى أبى، قال: ثنى خالدُ بنُ قيسٍ، عن قتادةَ: من


(١) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ف.
(٢) بعده في ت ١: "كيده ما يغيظ".