للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القومِ بما أراد محاورَتَهم (١) به من الكلامِ. وليس ذلك كذلك في "ذلك"؛ لكثرةِ جَرْيِ ذلك على أَلْسُنِ العربِ في مَنْطِقِها وكلامِها، حتى صارتِ الكافُ التي هي كنايةُ اسمِ المخاطَبِ فيها، كهيئةِ حرفٍ من حروفِ الكلمةِ التي هي متصلةٌ (٢)، وصارتِ الكلمةُ بها كقولِ القائلِ: هذا. كأنها ليس معها اسمٌ مخاطَبٌ، فمن قال: ﴿ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾. أَقرَّ الكافَ من ذلك مُوحَّدةً مفتوحةً في خطابِ الواحدةِ من النساءِ، والواحدِ من الرجالِ، والتثنيةِ والجمعِ، ومَن قال: (ذلكم يُوعَظُ به). كسَر الكافَ في خطابِ الواحدةِ من النساءِ، وفتَح في خطابِ الواحدِ من الرجالِ، [وقال] (٣) في خطابِ الاثنَيْن منهم: ذلكما. وفي خطابِ الجمعِ: ذلكم.

وقد قيل: إن قولَه: ﴿ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ﴾. خطابٌ للنبيِّ ، ولذلك وحَّد (٤)، ثم رجَع إلى خطابِ المؤمنين بقولِه: ﴿مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ﴾. وإذا وُجِّهَ التأويلُ إلى هذا الوجهِ لم يكنْ فيه مئونةٌ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٢٣٢)﴾.

يعني تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿ذَلِكُمْ﴾: نكاحُ (٥) أزواجِهنَّ لهنَّ، ومراجعةُ أزواجِهنّ إيّاهنّ، بما أباحَ لهنّ من نكاحٍ ومهرٍ جديدٍ ﴿أَزْكَى لَكُمْ﴾ أيُّها الأولياءُ والأزواجُ والزوجاتُ.


(١) في م: "مجاوزتهم".
(٢) بعده في م: "بها".
(٣) في النسخ: "فقال". والمثبت صواب السياق.
(٤) في م: "وجه".
(٥) في ص: "نكاحهن".