للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخالف أمرى، وكذَّب رسلى، ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾. يقولُ: أرسلتُ رسلى إلى عبادِى مبشِّرين ومنذِرين؛ لئلا يحتجَّ من كفَر بى وعبَد الأندادَ مِن دونى، أو ضلَّ عن سبيلى، بأن يقولَ إن أردتُ عقابَه: ﴿لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى﴾ [طه: ١٣٤]. فقطع جل ثناؤُه حُجَّةَ كلِّ مبطلٍ أَلْحد فى توحيدِه، وخالَف أمرَه، بجميعِ (١) معانى الحُججِ القاطعةِ عُذْرَه، إعذارًا منه بذلك إليهم؛ لتكونَ للهِ الحجةُ البالغةُ عليهم، وعلى جميعِ خلقِه.

وبنحوِ الذى قلنا فى ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المفضَّلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدىِّ: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾: فيقولوا: ما أرسلتَ إلينا رسولاً (٢).

﴿وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا﴾. يقولُ: ولم يزلِ اللَّهُ ذا عزةٍ فى انتقامِه ممَّن انتقَم مِن خلقِه على، كفرِه به، ومعصيتِه إيَّاه، بعدَ تثبيتِه حجتَه (٣) عليه برسلِه وأدلتِه، ﴿حَكِيمًا﴾ فى تدبيرِه فيهم ما دبَّر.

القولُ فى تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (١٦٦)﴾.


(١) فى الأصل: "وجميع".
(٢) فى م: "رسلاً".
(٣) فى ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "حجته".