للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو جعفرٍ محمدُ بنُ جريرٍ : يعنى بذلك جلَّ ثناؤُه: إن تكفُرْ -بالذى أوحينا إليك يا محمدُ- اليهودُ الذين سألوك أن تُنَزِّلَ عليهم كتاباً من السماءِ، وقالوا لك: ما أَنْزَل الله على بشرٍ من شيءٍ. فكذَّبوك، فقد كذَبوا، ما الأمرُ كما قالوا، لكن اللهُ يشهَدُ بتنزيلِه إليك [ما أنزَل] (١) من كتابِه ووحيِه، أَنْزَل ذلك إليك بعلمٍ منه بأنك خِيرَتُه من خلقِه، وصفيُّه من عبادِه، ويشهَدُ لك بذلك ملائكتُه، فلا يحزُنْك تكذيبُ مَن كذَّبك، وخلافُ مَن خالفك، ﴿وَكَفَى (٢) بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾. يقولُ: وحَسْبُك باللهِ شاهدًا على صدقِك دونَ مَن (٣) سواه من خلقِه، فإنه إذا شهِد لك بالصدقِ ربُّك، لم يضرَّك تكذيبُ مَن كذَّبك.

وقد قيل: إنّ هذه الآيةَ نزلت فى قومٍ من اليهودِ دعاهم النبىُّ إلى اتباعِه، وأخبَرهم أنهم يعلَمون حقيقةَ نبوَّتِه، فجحَدوا نبوَّتَه، وأَنْكَروا معرفتَه.

ذكرُ الخبرِ بذلك

حدَّثنا أبو كُريبٍ، قال: ثنا يونسُ، عن محمدِ بنِ إسحاقَ، قال: ثنى محمدُ بنُ أبى محمدٍ مولى زيدِ بنِ ثابتٍ، قال: ثني سعيدُ بنُ جبيرٍ، أو عكرمةُ، عن ابنِ عباسٍ، قال: دخَل على رسولِ اللهِ جماعةٌ من يهودَ، فقال لهم: "إنى واللهِ أعلمُ أنكم لَتعلَمون أنى رسولُ اللَّهِ". فقالوا: ما نعلمُ ذلك. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾ (٤).


(١) فى ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بما أنزل إليك"، وفى م: "ما أنزله"، وفى س: "بما أنزل".
(٢) فى ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "كفاك".
(٣) فى م: "ما".
(٤) أخرجه البيهقي فى دلائل النبوة ٢/ ٥٣٣ من طريق يونس بن بكير به، وأخرجه ابن أبى حاتم فى تفسيره ٤/ ١١٢٠ (٦٢٩٥) من طريق ابن إسحاق به. وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٢/ ٢٤٨ إلى ابن إسحاق والمصنف وابن المنذر والبيهقي فى الدلائل.