للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جريجٍ: ﴿لَعَلَّكَ تَرْضَى﴾. قال: بما (١) تُعْطَى.

و كأن الذين قرَءوا ذلك بالضمِّ وجَّهوا معنى الكلامِ إلى: لعل الله يُرْضِيك مِن عبادتك إياه وطاعتِك له.

والصوابُ من القولِ في ذلك عندى أنهما قراءتان، قد قرَأ بكلِّ واحدةٍ منهما علماءُ مِن القرَأةِ، وهما قراءتان مُسْتَفِيضتان في قرَأةِ الأمصارِ، مُتَّفِقَتَا المعنى، غيرُ مُخْتَلِفَتَيْه، وذلك أن الله تعالى ذكرُه إذا (٢) أرْضاه، فلا شكَّ أنه يَرْضَى، [وأنه] (٣) إذا رضِى فقد أرْضاه اللهُ، فكلُّ واحدةٍ منهما تَدلُّ على معنى الأُخرى، فبأيتِهما قرَأ القارئُ فمصيبٌ الصوابَ.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (١٣١)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : ولا تَنظُرْ إلى ما جَعَلْنَا لَضُرَباءِ هؤلاء المُعرِضين عن آياتِ ربِّهم وأشكالِهم، متعةً في حياتِهم الدنيا، يَتَمَتَّعون بها مِن زهرةِ عاجلِ الدنيا ونَضرتِها ﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾. يقولُ: لنَخْتَبرَهم فيما متَّعْناهم به مِن ذلك ونَبْتليهم، فإن ذلك فانٍ زائلٌ، وغُرورٌ وخُدَعٌ تَضْمَحِلُّ، ﴿وَرِزْقُ رَبِّكَ﴾ الذي وعَدك أن يَرْزُقَكه في الآخرةِ حتى تَرْضَى - وهو ثوابُه إياه - ﴿خَيْرٌ﴾ لك مما متَّعْناهم به من زهرة الحياةِ الدنيا ﴿وَأَبْقَى﴾. يقولُ: وأدومُ. لأنه لا انقطاعَ له ولا نفادَ.


(١) في الأصل، ت ٢: "ما".
(٢) سقط من: ص، ت ١، ف.
(٣) سقط من: ت ١، ف.