للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٠٣)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : يا محمدُ، خُذْ مِن أموالِ هؤلاءِ الذين اعْتَرَفوا بذنوبِهم، فتابوا منها، ﴿صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ﴾ مِن دَنَسِ ذنوبِهم، ﴿وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾. يقولُ: وتُنَمِّيهم وتَرْفعُهم عن خَسيسِ منازلِ أهلِ النفاقِ بها، إلى منازلِ أهلِ الإخلاصِ، ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾. يقولُ: وادْعُ لهم بالمغفرةِ لذنوبِهم، واستغفِرْ لهم منها، ﴿إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾. يقولُ: إن دعاءَك واستغفارَك طُمأنينةٌ لهم، بأن الله قد عَفا عنهم، وقبل توبتَهم، ﴿وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾. يقولُ: واللهُ سميعٌ لدعائِك إذا دعوتَ لهم، ولغيرِ ذلك مِن كلامِ خلقِه، ﴿عَلِيمٌ﴾ بما تطلبُ لهم بدعائِك ربَّكَ لهم، وبغيرِ ذلك مِن أمورِ عبادِه.

وبنحوِ ما قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني المُثنى، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ، قال: جاءوا بأموالِهم - يعنى أبا لُبابةَ وأصحابَه - حينَ أُطلِقوا، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، هذه أموالُنا فتَصَدَّقْ بها عنا، واستغفرْ لنا. قال: "ما أُمِرْتُ أن آخُذَ مِن أموالِكم شيئًا". فأنزَل اللهُ: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾، يعنى بالزكاةِ: طاعةَ اللهِ والإخلاصَ، ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾. يقولُ: استغفرْ لهم (١).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٨٧٤، ١٨٧٦ من طريق أبي صالح به. وتقدم أوله في ص ٦٥١.