للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا ابن وكيعٍ قال: ثنا يزيدُ بنُ هارونَ، عن حَجَّاجِ بن أَبي زينبَ (١)، قال: سمعتُ أبا عثمانَ يقولُ: ما في القرآنِ آيةٌ أَرْجَى عندى لهذه الأمةِ مِن قولِه: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ﴾ إلى: ﴿إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (٢).

قال أبو جعفرٍ: وأَوْلى هذه الأقوالِ بالصوابِ في ذلك، قولُ مَن قال: نَزَلَت هذه الآيةُ في المُعْترِفِين بخطإِ فعلِهم في تَخَلُّفِهم عن رسولِ اللهِ ، وتَرْكِهم الجهادَ معه، والخروجَ لغزوِ الرومِ حينَ شَخَصَ إلى تبوكَ، وإن الذين نَزَل ذلك فيهم جماعةٌ أحدُهم أبو لُبابةَ.

وإنما قُلنا: ذلك أولَى بالصوابِ في ذلك؛ لأن الله جلَّ ثناؤُه قال: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ﴾. فأخبَر عن اعترافِ جماعةٍ بذنوبِهم، ولم يكنِ المُعترِفُ بذنبِه المُوثِقُ نفسَه بالساريةِ في حصارِ قُريظةَ غيرَ أبي لُبابةَ وحدَه، فإذ كان ذلك، وكان اللهُ قد وَصَفَ في قولِه: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ﴾. بالاعترافِ بذنوبِهم جماعةً، عُلِمَ أن الجماعة الذين وَصَفَهم بذلك ليست (٣) الواحدَ، فقد تَبَيَّن بذلك أن هذه الصفةَ إذ (٤) لم تكنْ إلا لجماعةٍ، وكان لا جماعةَ فَعَلَت ذلك - فيما نَقَلَه أهلُ السيرِ والأخبارِ، وأجمَع عليه أهلُ التأويلِ - إلا جماعةٌ من المُتخلفِين عن غزوةِ تبوكَ، صَحَّ ما قُلنا في ذلك. وقُلنا: كان منهم أبو لُبابةَ؛ لإجماعِ الحجةِ مِن أهلِ التأويلِ على ذلك.


(١) في النسخ: "ذئب". والمثبت من مصادر التخريج، وينظر تهذيب الكمال ٥/ ٤٣٧.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ١٣/ ٥٤٨، وابن أبي الدنيا في التوبة - كما في الدر المنثور ٣/ ٢٧٣ - ومن طريقه البيهقى في الشعب (٧١٦٥) من طريق يزيد بن هارون، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٧٣ إلى ابن المنذر وأبى الشيخ.
(٣) في م: "السبب غير".
(٤) في م: "إذا".