للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإقرارُ له به، مِن الإذعانِ له بالطاعةِ.

كما حدَّثنا أبو كُريبٍ، قال: قال أبو بكرٍ في: ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾. قال: قال ابن عباسٍ: كان في علمِ الله مِن الكافرين.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (٧٥) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (٧٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: قال الله لإبليسَ، إذ لم يسجُدْ لآدمَ وخالَف أمرَه: ﴿يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ﴾. يقولُ: أيُّ شيءٍ منعك مِن السجودِ، ﴿لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾. يقولُ: لخَلْقِ يديَّ. يُخْبرُ تعالى ذكرُه بذلك، أنه خلَق آدمَ بيَدَيه.

كما حدَّثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: ثنا شعبةُ، قال: أخبَرنى عُبيدٌ المُكْتِبُ، قال: سمعتُ مجاهدًا يحدِّثُ عن ابن عمرَ، قال: خلَق الله أربعةً بيدِه؛ العرشَ، وعَدْنَ، والقلمَ، وآدمَ، ثم قال لكلِّ شيءٍ: كُنْ. فكان (١).

وقولُه: ﴿أَسْتَكْبَرْتَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه لإبليسَ: أتعظَّمتَ عن السجودِ لآدمَ، فتركت السجود له استكبارًا عليه، ولم تكن من المتكبرين العالين قبل ﴿أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ﴾. يقولُ: أم كنتَ كذلك مِن قبلُ ذا عُلوٍّ وتكبُّرٍ على ربِّك؟ ﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤه: قال إبليسُ لربِّه: فعَلتُ ذلك فلم أسجدْ للذي أمرْتني بالسجودِ له؛ لأنى خيرٌ منه، وكنتُ خيرًا لأنك


(١) أخرجه أبو الشيخ في العظمة (١٠٣٠) من طريق ابن المثنى به، وأخرجه الدارمي في الرد على المريسي ص ٣٥، ٩٠، والآجرى في الشريعة (٧٥٦) والحاكم ٢/ ٣١٩، والبيهقي في الأسماء والصفات (٦٩٣) من طريق عبيد المكتب به.