للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تفسيرُ سورةِ "الفتحِ"

القولُ في تأويل قوله تعالى: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (٢) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (٣)﴾.

يَعْنى بقولِه تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾. يقولُ: إنا حَكَمْنا لك يا محمدُ حُكمًا يَبِينُ (١) لمن سَمِعه أو بَلَغه، على مَن خَالَفَك وناصَبَك مِن كفارِ قومِك، وقَضَيْنا لك عليهم بالنصرِ والظَّفَرِ، لتَشْكُرَ ربَّك، وتَحْمَدَه على نعمتِه بقضائِه لك عليهم، وفتحِه ما فتَح لك، ولتُسَبِّحَه وتَسْتَغْفِرَه، فيَغْفِرَ لك بفِعالِك ذلك ربُّك، ما تقَدَّم مِن ذنبِك قبلَ فتحِه لك ما فتَح، وما تأخَّر بعدَ فتحِه لك ذلك، ما شَكَرْتَه واسْتَغْفَرْتَه.

وإنما اخْتَرْنا هذا (٢) القولَ في تأويلِ هذه الآيةِ؛ لدَلالةِ قولِ اللهِ ﷿: ﴿ذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (٣)[النصر:١ - ٣]. على صحتِه، إذ أمَرَه تعالى ذكرُه أن يُسَبِّحَ بحمدِ ربِّه إذا جاءه نصرُ اللهِ وفتحُ مكةَ، وأن يَسْتَغْفِرَه (٣)، وأعْلَمه أنه توابٌ على مَن فعَل ذلك. ففى ذلك بيانٌ واضحٌ أن قولَه تعالى ذكرُه:


(١) سقط من: م.
(٢) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) في م: "يستغفروه".