للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَبْلِنَا﴾. يقولُ: التشديدُ الذي شدَّدْتَه على مَن قبلَنَا مِن أهلِ الكتابِ (١).

حدَّثني يونُسُ، قال: أَخْبَرَنا ابن وهبٍ، قال: سألْتُ - يعني مالكًا - عن قولِه: ﴿وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا﴾. قال: الإصرُ الأمرُ الغَليظُ (٢).

فأما الأصْرُ بفتحِ الألفِ فهو ما عطَف به الرجلُ على غيرِه مِن رَحِمٍ أو قَرابةٍ، يقولُ: قد أصَرَتْنى رحِمى بينى وبينَ فلانٍ عليه. بمعنى: عطَفَتْني عليه، و: ما يَأْصِرُني عليه، أيْ: ما يَعْطِفُنى عليه. و: بينى وبينَه آصِرَةُ رحِمٍ تَأصِرُني عليه أصْرًا. يعني به: عاطفةُ رحمٍ تَعْطِفُنى عليه.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾.

يعنى بذلك جل ثناؤُه: وقولوا أيضًا: ربَّنا لا تُكَلِّفْنا مِن الأعمالِ ما لا نُطِيقُ القيامَ به لثِقَلِ حملِه علينا.

وكذلك كانت جماعةُ أهلِ التأويلِ يَتَأَوَّلونه.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾: تشديدٌ تُشَدِّدُ به، كما شدَّدتَ على مَن كان قبلنا (٣).

حدَّثني يحيى بنُ أبى طالبٍ، قال: أَخْبَرَنا يزيدُ، قال: أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ، عن الضحاكِ قولَه: ﴿وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾. قال: لا تُحَمِّلْنَا مِن الأعمالِ ما لا نُطِيقُ (٤).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٨٠ (٣٠٩٨) من طريق ابن أبي جعفر به.
(٢) ينظر البحر المحيط ٢/ ٣٦٩.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ١١٢ عن معمر، عن قتادة بمعناه.
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٣٧٧ إلى المصنف.