للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أضافوا أفعالَ العباد إليهم كسبًا، وإلى الله جل ثناؤُه إنشاءً وتدبيرًا، وفساد قولِ أهلِ القَدَرِ الذين أنكروا أن يكونَ للَّه في ذلك صنعٌ.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيد، عن قتادةَ في قوله: ﴿لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾: أي من الضلالة إلى الهُدَى (١).

القول في تأويل قوله عزّ ذكرُه: ﴿اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (٢)﴾.

اختلفت القرأةُ في قراءة ذلك (٢)، فقرأته عامة قرأةِ المدينة والشامِ: (اللَّهُ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ). برفعِ اسمِ الله على الابتداء، وتصييرِ قولِه: ﴿الَّذِى لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ﴾ خبرَه.

وقرأته عامَّةُ قرأة أهل العراقِ والكوفةِ والبصرة: ﴿اللَّهِ الَّذِى﴾. بخفض اسم الله، على إتباع ذلك ﴿الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾، وهما خفضٌ.

وقد اختلَف أهلُ العربية في تأويله إذا قُرِئ كذلك، فذُكر عن أبي عمرِو بن العلاء، أنه كان يَقْرَؤُه بالخفضِ، ويَقُولُ: معناه: بإذن ربهم إلى صراط الله (٣) العزيز الحميدِ، الذي له ما في السماواتِ، ويَقُولُ: هو مِن المؤخَّرِ الذي معناه


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٦٩ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) قرأ برفع اسم "الله" نافع وابن عامر، وقرأ بالخفض ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي. ينظر السبعة ص ٣٦٢، والكشف ٢/ ٢٥، والتيسير ص ١٠٩.
(٣) سقط من النسخ، وأثبته ليستقيم به الكلام.