للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التقديم. ويُمثِّله بقول القائل: مَرَرْتُ بالظريف عبد الله. والكلام الذي يوضع مكان الاسم النعتُ، ثم يُجْعَلُ الاسم مكان النعتِ، فيَتْبَعُ إعرابه إعراب النعتِ الذي وُضِع موضع الاسم، كما قال بعض الشعراء:

لو كنتُ ذا نَبْلٍ وذا شَرِيبٍ (١) … ما خِفْتُ شَدَّات (٢) الخبيث الذيبِ

وأما الكسائي فإنه كان يقولُ، فيما ذُكر عنه: مَن حَفَض أراد أن يَجْعَلَه كلاما واحدًا، وأتبع الخفض الخفض. وبالخفضِ كان يَقْرَأُ.

والصوابُ مِن القول في ذلك عندى أنهما قراءتان مشهورتان، قد قرأ بكلِّ واحدةٍ منهما أئمةٌ مِن القرأة، معناهما واحدٌ، فبأيتِهما قرأ القارئ فمصيبٌ، وقد يجوزُ أن يكون الذي قرأه بالرفعِ، أراد معنى من خفض في إتباع الكلام بعضه بعضا، ولكنه رفع لانفصالِه من الآية التي قبلَه، كما قال جل ثناؤه: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالِهُم﴾ إلى آخر الآية، ثم قال: ﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ﴾ [التوبة: ١١١، ١١٢].

ومعنى قوله: ﴿اللَّهِ الَّذِى لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾: الله الذي يملكُ جميعَ ما في السماوات وما في الأرضِ، يقول لنبيه محمد : أنزلنا إليك هذا الكتابَ، لتَدْعُوَ عبادى إلى عبادة من هذه صفتُه، ويدعوا عبادةَ مَن لا يَمْلك لهم ولا لنفسه ضَرًّا ولا نفعًا من الآلهة والأوثانِ. ثم توعد جلَّ ثناؤُه مَن كَفَر به ولم يَسْتَجِبْ لدعاءِ رسوله إلى ما دعاه إليه من إخلاص التوحيد له، فقال: ﴿وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾. يقولُ: الوادى الذي يَسيلُ من صديد


(١) الشزيب: القوس ليست بجديد ولا خَلَق. القاموس المحيط (ش ز ب).
(٢) جمع شَدَّة: وهي الحملة الواحدة، ومنه: شدَّ على القوم في القتال: حَمل عليهم. اللسان (ش د د).