للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٦٢) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ (٦٣)﴾.

يعنى بذلك جلّ ثناؤُه: إن هذا الذي أنْبَأَتُك به يا محمدُ مِن أمرِ عيسى، فقصَصْتُه عليك مِن أنبائِه، وأنه عبدِى ورسُولى، وكلِمتى ألْقَيْتُها إلى مريمَ، ورُوحٌ منى، لَهو القَصَصُ والنبأُ الحقُّ، فاعْلَمْ ذلك، واعْلَمْ أنه ليس للخلقِ معبودٌ يَسْتَوْجِبُ عليهم العبادةَ بمُلْكِه إياهم، إلا معبودُك الذي تَعْبُدُه، وهو اللهُ العزيزُ الحكيمُ.

ويعنى بقولِه: ﴿الْعَزِيزُ﴾: العزيزُ في انتقامِه ممَّن عصاه، وخالَف أَمْرَه، وادَّعَى معه إلهًا غيرَه، أو عبَدَ ربًّا سواه، ﴿الْحَكِيمُ﴾ في تدبيرِه، لا يَدْخُلُ ما دَبَّرَه وَهَنٌ، ولا يَلْحَقُه خَلَلٌ.

﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا﴾. يعنى: فإن أدْبَر هؤلاء الذين حاجُّوك في عيسى عما جاءَك مِن الحقِّ مِن عندِ ربِّك، في عيسى وغيرِه مِن سائرِ ما آتاك اللهُ مِن الهُدَى والبَيانِ، فأعْرَضوا عنه، ولم يَقْبَلُوه، ﴿فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ﴾. يقولُ: فإِن الله ذو علمٍ بالذين يَعْصُون ربَّهم، ويَعْمَلون في أرضِه وبلادِه بما نهاهم عنه، وذلك هو إفسادُهم. يقولُ تعالى ذِكرُه: فهو عالمٌ بهم وبأعمالِهم، يُحْصِيها عليهم ويَحْفَظُها، حتى يُجازِيَهم عليها جَزاءَهم.

وبنحوِ ما قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، عن محمدِ بن جعفرِ بن الزبيرِ: ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ﴾: أيْ: إن هذا الذي جئتُ به مِن الخبرِ عن