للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَن لزِمتْه فرائضُ اللهِ من النساءِ اللواتِي لهنَّ أقراءٌ إذا طُلِّقت بعدَ الدخولِ بها في عدَّتِها ألَّا تَكْتُمَ زوجَها ما خلَق اللهُ في رحِمِها من الحيضِ والحبلِ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا﴾.

والبُعولَةُ جمعُ بعلٍ، وهو زوجُ المرأةِ، ومنه قولُ جريرٍ (١):

أعِدُّوا معَ الحَلْيِ المَلَابَ (٢) فإنّما … جَرِيرٌ لَكُمْ بَعْلٌ وأنْتُمْ حَلائِلُهْ

وقد يُجمَعُ البعلُ البعولةَ والبُعولَ، كما يُجمَعُ الفحلُ الفُحُولَ والفُحولَةَ، والذَّكَرُ الذُّكُورَ والذُّكورَةَ، وكذلك ما كان على مثالِ فُعولٍ من الجمعِ، فإنّ العربَ كثيرًا ما تُدْخِلُ فيه الهاءَ، فأمَّا ما كان منها على مثالِ فِعالٍ، فقليلٌ في كلامِهم دخولُ الهاءِ فيه، وقد حُكِيَ عنهم العِظامُ والعِظامَةُ، ومنه قولُ الراجزِ (٣):

ثم دفَنْتَ الفَرْثَ والعظامَهْ

وقد قيل: الحِجارةُ والحِجارُ، والمِهارةُ والمِهارُ، والذِّكارةُ والذِّكارُ للذكورِ. وأما تأويلُ الكلامِ فإنه: وأزواجُ المطلقاتِ اللاتِي فرَضْنا عليهنَّ أن يتربَّصْنَ بأنفسِهنَّ ثلاثةَ قروءٍ، وحَرَّمنا عليهنَّ أن يَكْتُمْنَ ما خلَقَ اللهُ في أرحامِهنَّ، أحقُّ وأوْلَى بردِّهن إلى أنفسِهمْ (٤) - في حالِ تربُّصِهنَّ إلى الأقراءِ الثلاثةِ وأيامِ الحبَلِ - وارتجاعِهن إلى حِبالِهم، مِنهنَّ (٥) بأنفسِهنَّ؛ أنْ يَمْنَعْنَهم من أنفسِهنَّ ذلك.

كما حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليِّ


(١) ديوانه ٢/ ٩٦٩.
(٢) الملاب: ضرب من الطيب، فارسي. ينظر التاج (ل و ب، م ل ب).
(٣) الجمهرة لابن دريد ٣/ ١٢١، واللسان (ع ظ م)، (هـ ذ م).
(٤) في ص: "أنفسهن".
(٥) في م: "منهم".