للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (٣٢) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (٣٣) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (٣٤) أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (٣٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وإلَّا الذين هم لأماناتِ الله التي اتَّمنَهم عليها من فرائضِه، وأمانات عبادِه التي اتُّمِنوا عليها، وعهودِه التى أخذها عليهم، بطاعتِه فيما أمَرهم ونهاهم، وعهودِ عباده التي أعطاهم، على ما عقَده لهم على نفسِه - راعون، يَرْقُبون ذلك، ويَحْفَظونه فلا يُضَيِّعونه، ولكنهم يُؤَدُّونها ويَتَعَاهَدونها على ما ألزَمهم اللهُ، وأوجَب عليهم حفظَها،

﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ﴾. يقولُ: والذين لا يَكْتُمون ما استُشْهِدوا عليه، ولكنهم يَقُومون بأدائِها حيثُ يَلْزَمُهم أداؤُها، غيرَ مُغَيَّرةٍ ولا مُبَدَّلةٍ.

﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾. يقولُ: والذين هم على مواقيتِ صلاتِهم التى فرضَها اللهُ عليهم، وحدودِها التى أوجبَها عليهم يُحافِظون، ولا يُضَيِّعون لها ميقاتًا ولا حدًّا.

وقولُه: ﴿أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ﴾. يقولُ ﷿: هؤلاء الذين يَفْعَلُون هذه الأفعال في بساتينَ مُكْرَمون، يُكْرِمُهم اللهُ فيها بكرامتِه.

القولُ في تأويل قولِه تعالى: ﴿فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (٣٦) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ (٣٧) أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (٣٨) كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ (٣٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: فما شأنُ الذين كفروا باللهِ قِبَلَك يا محمدُ مُهْطِعِين؟! وقد بيَّنا معنى الإهطاعِ وما قال أهلُ التأويل فيه فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضعِ (١)، غيرَ أنَّا نذكُرُ في هذا الموضعِ بعضَ ما لم نذكُرْه هنالِك.


(١) تقدم فى ١٣/ ٧٠٤، ٢٢/ ١١٨، ١١٩.