للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَضْعُفوا، ﴿وَلَا تَحْزَنُوا﴾: ولا تَأْسَوا (١) على ما أصابكم ﴿وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾. أي: لكم تَكُونُ العاقبة والظُّهورُ ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾: إن كنتم صَدَّقْتُم نبيِّي بما جاءكم به عنِّي (٢).

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عَمِّي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابنَ عباسٍ، قال: أقْبل خالدُ بنُ الوليدِ يُريدُ أن يَعْلُوَ عليهم الجبلَ، فقال النبيُّ : "اللَّهُمَّ لا يَعْلُونَ علينا". فأنْزَل اللهُ ﷿ ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ﴾.

اختلف القَرأَةُ في قراءةِ ذلك؛ فقَرأَتْه عامةُ قَرأَةِ أهلِ الحجازِ والمدينةِ والبصرةِ: ﴿إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ﴾ (٤)، كلاهما بفَتْحِ "القاف"؛ بمعنى: إن يَمْسَسْكُم القتْلُ والجراحُ يا معشرَ أصحابِ محمدٍ، فقد مَسَّ القومَ مِن أعدائكم مِن المشركين قَرْحٌ - قتلٌ وجراحٌ - مثلُه.

وقرَأ ذلك عامةُ قَرأَةِ الكوفةِ: (إن تمسَسْكُمْ قُرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قُرْحٌ مثْلُهُ) (٥). [بضمِّ القافِ فيهما جميعًا، بمعنى: إن يمسَسْكم ألمُ الجراحِ فقد مسَّ القومَ منكم مثلُه] (٦).

وأَوْلَى القِراءتين بالصواب قراءة مِن قرَأ: ﴿إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ


(١) في سيرة ابن هشام: " تبتئسوا".
(٢) سيرة ابن هشام ٢/ ١١٠، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٧١ (٤٢٢٢، ٤٢٢٤) من طريق سلمة به دون أوله.
(٣) أخرجه المصنف في تاريخه ٢/ ٥٠٨. وينظر تفسير البغوي ٢/ ١١٠.
(٤) هذه قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وعاصم في رواية حفص عنه، ينظر السبعة ص ٢١٦.
(٥) هذه قراءة حمزة والكسائى وعاصم في رواية أبى بكر عنه. ينظر السبعة ص ٢١٦.
(٦) سقط مِن: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.