للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بشيءٍ له معنًى يَفْهَمونه ولا يَعْقِلونه، ولذلك قال لهم فرعونُ: إنه مجنونٌ؛ لأن كلامَه كان عندَهم كلامًا لا يَعْقِلون معناه: الذي أَدْعوكم وفرعونَ [إليه، عبادةُ] (١)

ربِّ المشرقِ والمغربِ ﴿وَمَا بَيْنَهُمَا﴾. يعنى: ملكَ مشرِقِ الشمسِ ومغربِها وما بينَهما من شيءٍ، لا إلى عبادةِ ملوكِ مصرَ الذين كانوا ملوكَها قبلَ فرعونَ لآبائِكم فمضَوا، ولا إلى عبادةِ فرعونَ الذي هو اليومَ (٢) ملكُها، ﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾. يقولُ: إن كان (٣) لكم عقولٌ تَعْقِلون بها ما يقالُ لكم، وتَفْهَمون بها ما تَسْمَعون مما تبيَّن (٤) لكم. فلما أخبرَهم بالأمرِ الذي علِموا أنه الحقُّ الواضحُ، إذ كان فرعونُ ومَن قبلَه من ملوكِ مصرَ، لم يُجاوِزْ مُلكهم (٥) عريشَ مصرَ، وتَبيَّن لفرعونَ ولمن حولَه من قومِه أن الذي يدعوهم موسى إلى عبادتِه، هو الملِكُ الذي يَمْلِكُ الملوكَ

- قال فرعونُ حينئذٍ؛ استكبارًا عن الحقِّ، وتماديًا في الغيِّ لموسى: ﴿لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي﴾. يقولُ: لئن أقرَرتَ بمعبودٍ سواى، ﴿لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ﴾. يقولُ: لأَسْجُنَنَّك مع من في السجنِ من أهلِه.

القولُ في تأويلِ قولهِ تعالى: ﴿قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (٣٠) قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٣١) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (٣٢) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (٣٣)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: قال موسى لفرعونَ لما عرَّفه ربَّه، وأنه ربُّ المشرقِ


(١) في م: "إلى عبادته".
(٢) سقط من: م، ت ٢.
(٣) في ص، ت ١، ف: "كانت".
(٤) في م: "يعين".
(٥) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "ملكها".