للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يؤمنُ أبدًا، فأخبرَ عنهم أنهم لم يكونوا ليؤمنوا بما هم به مكذِّبون في سابقِ عِلْمِه قبلَ مجيءِ الرسلِ عندَ (١) مجيئهم إليهم.

ولو قيل: تأويله: فما كان هؤلاء الذين ورثوا الأرضَ يا محمدُ من مُشْرِكي قومِك من بعدِ أهلِها الذين كانوا بها، مِن عادٍ وثمودَ - ليُؤْمنوا بما كذَّب به الذين وَرِثوها عنهم مِن توحيدِ اللَّهِ ووَعْدِه ووعيدِه. كان وجهًا ومذهبًا، غيرَ أنى لا أعلمُ قائلًا قاله ممَّن يُعْتَمَدُ [على علمِه] (٢) بتأويلِ القرآنِ.

وأما الذي قاله مجاهدٌ مِن أن معناه: ولو رُدُّوا ما كانوا ليُؤْمِنوا. فتأويلٌ لا دلالةَ له (٣) عليه مِن ظاهرِ التنزيلِ ولا مِن خبرٍ عن الرسولِ صحيحٍ. وإذ كان ذلك كذلك، فأولى منه بالصوابِ ما كان عليه مِن ظاهرِ التنزيلِ دليلٌ.

وأما قولُه: ﴿كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ﴾. فإنه يقولُ جل ثناؤُه: كما طبَع الله على قلوب هؤلاء الذين كفَروا بربِّهم وعَصَوا رُسُلَه مِن هذه الأممِ التي قصَصْنا عليكَ نبأَهم يا محمدُ في هذه السورةِ، حتى جاءَهم بأسُ اللَّهِ فهلَكوا به، كذلك يطبعُ اللهُ فيَخْتِمُ (٣) على قلوبِ الكافرين الذين كَتَب عليهم أنهم لا يؤمنون أبدًا من قومِك.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (١٠٢)﴾.

يقول تعالى ذكره: ولم نجد لأكثر أهل هذه القرى التي أهلكناها واقتصصنا عليك يا محمدُ نبأَها ﴿مِنْ عَهْدٍ﴾. يقولُ: مِن وفاءٍ بما وصَّيناهم به مِن توحيدِ


(١) في م: "وعند".
(٢) في ت ١، س، ف: "عليه".
(٣) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف.