للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ﴾. لإجماعِ جميعِهم على قولِه: ﴿وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾ وقراءتِه بالباء، وفي ذلك دلالةٌ بيِّنةٌ على أن الذي وُصف به الإثمُ الأولُ من ذلك هو العِظَمُ والكِبَرُ، لا الكثرةُ في العَدَدِ، ولو كان الذي وُصفَ به من ذلك الكثرةَ، لقيل: وإثمُهما أكثرُ من نفعِهما.

القولُ في تأويل قوله عزَّ ذكرُه: ﴿وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾.

يعني بذلك عزَّ ذكرُه: والإثمُ بشُربِ هذه، والقمارُ هذا، أعظمُ وأكبرُ مضرَّةً عليهم من النفْعِ الذي يتناولون بهما. وإنما كان ذلك كذلك لأنهم كانوا إذا سَكِرُوا وثَب بعضُهم على بعضٍ، وقاتَل بعضُهم بعضًا، وإذا ياسَرُوا وقَع بينهم فيه بسببِه الشّرُّ، فأدّاهم ذلك إلى ما يأثَمون به.

ونزَلت هذه الآيةُ في الخمرِ قبل أن يُصرَّحَ بتحرِيمِها، فأضاف الإثمَ جلّ ثناؤُه إليهما، وإنما الإثمُ بأسبابِهما، إذْ كان عن سبَبِهما يحدُثُ.

وقد قال عَددٌ مِن أهلِ التأويلِ: معنى ذلك: وإثمُهما بعد تحريمِهما أكبرُ من نفعِهما قبلَ تحريمِهما.

ذِكرُ من قال ذلك

حدَّثنى محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبى، قال: ثنى عمى، قال: ثنى أبى، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ: ﴿وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾. قال: منافعُهما قبلَ التّحريمِ، وإثمُهما بعدَ ما حُرِّما (١).

حُدِّثتُ عن عمارٍ، قال: ثنا ابنُ أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ: ﴿وَمَنَافِعُ


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٣٩٢ (٢٠٦٥) عن محمَّد بن سعد به.