للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (١)﴾. معنى جوابٍ (٢) للجَزاءِ، وذلك أنه وَعْدٌ خرَج مَخرجَ الخبرِ.

فتأويلُ الكلامِ: ولئن قُتِلْتُم في سبيلِ اللهِ أو مُتُّم، لَيَغْفِرَنَّ اللهُ لكم ولَيَرْحَمَنَّكم، فدلَّ على ذلك بقولِه: ﴿لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (٣)﴾. وجمع مع الدلالةِ به عليه الخبرَ عن فضلِ ذلك على ما يُؤْثِرونه (٤) مِن الدنيا وما يَجْمَعون (٥) فيها.

وقد زعَم بعضُ أهل العربيةِ مِن أهلِ البصرةِ أنه إن قيل: كيف يكونُ: ﴿لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ﴾ جوابًا لقولِه: ﴿وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ﴾ فإن القولَ فيه أن يُقالَ: كأنه قال: ولئن مُتُّم أو قُتِلْتُم [فذلك لكم] (٦) رحمةٌ (٧) ومغفرةٌ، إذ كان ذلك في السبيل، فقال: ﴿لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ﴾. يقولُ: لَذلك خيرٌ ممَّا تجمَعون. يعنى: لَتلك المغفرةُ والرحمةُ خيرٌ مما تَجْمَعون. ودخَلَت اللامُ في قولِه: ﴿لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ﴾ لدخولِها في قولِه: ﴿وَلَئِنْ﴾. كما قيل: ﴿وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَار﴾ [الحشر: ١٢].

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (١٥٨)﴾.

يعنى بذلك جلَّ ثناؤُه: ولكن مُتُّم أو قُتِلْتم أيُّها المؤمنون، فإلى (٨) اللهِ مَرْجِعُكم ومَحْشَرُكم، فيُجازِيكم بأعمالِكم، فآثِرُوا ما يُقَرِّبُكم من اللهِ ويُوجِبُ لكم رِضاه،


(١) في ص، س: "تجمعون".
(٢) في ص: "حوار"، وفى م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "جواز".
(٣) في الأصل، ت ١، س: "تجمعون".
(٤) في س: "تؤثرونه".
(٥) في س: "تجمعون".
(٦) في النسخ: "فذكر لهم". وينظر تعليق الشيخ شاكر على هذا الموضع.
(٧) بعده في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "من الله".
(٨) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "فإن إلى".