للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنافقون في ذلك، ولكن جاهِدوا في سبيلِ اللهِ، وقاتِلوا أعداءَ اللهِ، على يقينٍ منكم بأنه (١) لا يُقْتَلُ في حربٍ (٢)، ولا يموتُ في سفرٍ، إلا مَن قد بلَغ أجلَه وحانَت وفاتُه. ثم وعَدَهم على جهادِهم في سبيلِ اللهِ المغفرةَ والرحمةَ، وأخْبرَهم أن موتًا في سبيلِ اللهِ، أو (٣) قتلًا في دينِه (٤)، خيرٌ لهم مما يَجْمَعون في الدنيا من حُطامِها، ورَغيدِ عيشِها، الذي مِن أجلِه يَتَثاقَلون عن الجهادِ في سبيلِ اللَّهِ، ويَتَأَخَّرون عن لقاءِ العدوِّ.

كما حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ: ﴿وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (٥)﴾ أي: إِنَّ الموتَ كائنٌ لا بد منه، فموتٌ في سبيلِ اللهِ، أو قتلٌ، خيرٌ - لو علِموا (٦) وأيقَنُوا - مما يَجْمَعون من (٧) الدنيا التي لها يَتَأَخَّرون عن الجهادِ؛ تخوُّفًا من الموتِ والقتلِ، لما جمَعوا مِن زهيدِ (٨) الدنيا، وزَهادةً في الآخرةِ (٩).

وإنما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (١٠)﴾. وابْتَدَأ الكلامَ: ﴿وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ﴾ بحذفِ جزاء "لَئِن"؛ لأنَّ في قولِه:


(١) في ص، ت ١، س: "فإنه".
(٢) بعده في ت ٢، س: "منكم".
(٣) في م: "و".
(٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "الله".
(٥) في الأصل، ص، ت ١: "تجمعون".
(٦) في س: "تعلمون".
(٧) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "في".
(٨) في سيرة ابن هشام: "زهرة"، وفى تفسير ابن أبي حاتم: "زهيدة".
(٩) سيرة ابن هشام ٢/ ١١٦، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٨٠٠ (٤٤٠٤) من طريق سلمة به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٨٩ إلى ابن المنذر.
(١٠) في س: "تجمعون".