في قوله: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ﴾. قال: السكينةُ الرحمةُ، ﴿لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ﴾. قال: إن الله جلَّ ثناؤُه بعَث نبيَّه ﷺ بشهادةِ ألا إلهَ إلا اللهُ، فَلَمَّا صدَّقوا بها زادَهم الصلاةَ، فلمَّا صدَّقوا بها زادَهم الصيامَ، فلمَّا صدَّقوا به زادهم الزكاةَ، فلما صدَّقوا بها زادهم الحجَّ، ثم أكْمَل لهم دينَهم فقال: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾ [المائدة: ٣]. قال ابن عباسٍ: فأَوْثَقُ إيمانِ أهلِ الأرضِ وأهل السماواتِ، وأصْدَقُه وأكملُه، شهادةُ ألا إله إلا الله (١).
وقولُه: ﴿وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ولله جنودُ السماواتِ والأرض أنصارٌ، يَنْتَقِمُ بهم ممن يَشاءُ مِن أعدائه، ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ولم يَزَلِ اللهُ ذا عِلمٍ بما هو كائنٌ قبل كونه، وما خَلْقُه عامِلوه، حكيمًا في تدبيره.
يقولُ تعالى ذكرُه: إنا فتَحْنا لك فتحًا مبينًا؛ لتَشْكُر ربَّك وتَحْمَدَه على ذلك، فيَغْفِرَ لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّر، وليَحْمَدَ ربَّهم المؤمنون بالله، ويَشْكُروه على إنعامه عليهم بما أنْعَم به عليهم، من الفتح الذي فتَحَه وقضاه بينَهم وبينَ أعدائهم من المشركين، بإظهاره إياهم عليهم - فيُدْخِلَهم بذلك جناتٍ تَجْرِى مِن تحتها الأنهارُ
(١) أخرجه الطبراني في الكبير (١٣٠٢٨)، والبيهقى في الدلائل ٤/ ١٦٨، من طريق عبد الله بن صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٧١ إلى ابن المنذر وابن مردويه.