للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ماكثين فيها إلى غير نهايةٍ، ولِيُكَفِّرَ عنهم سيِّئَ أعمالهم، بالحسناتِ التي يَعْمَلونها شكرًا منهم لربِّهم على ما قضَى لهم، وأنْعَم عليهم به، ﴿وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وكان ما وعدهم الله (١) من هذه العِدَةِ؛ وذلك إدخالُهم جناتٍ تَجْرى من تحتها الأنهارُ، وتكفيرُه سيئاتِهم بحسناتِ أعمالِهم التي يَعْمَلونها - عندَ اللهِ، لهم، ﴿فَوْزًا عَظِيمًا﴾. يقولُ: ظَفَرًا منهم بما كانوا تأمَّلوه ويَسْعَوْن له، ونجاةً مما كانوا يَحْذَرونه (٢) من عذاب الله، عظيمًا.

وقد تقَدَّم ذكرُ الرواية أن هذه الآية نزَلَت لمَّا قال المؤمنون الرسول الله إذ (٣) تلا عليهم قولَ الله ﷿: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ -: هذا لك يا رسول الله، فماذا لنا؟ تَبْيينًا من الله لهم ما هو فاعلٌ بهم.

حدَّثنا عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثنى معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباس في قوله: ﴿لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾. إلى قوله: ﴿وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ﴾: فأَعْلَم الله سبحانه نبيَّه (٤).

قوله: ﴿لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾. على اللام من قوله: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ﴾. بتأويل تكرير الكلام: إنَّا فَتَحْنا لك فتحًا مُبِينًا ليَغْفِرَ لك الله، إنا فتَحْنا لك ليُدْخِلَ المؤمنين والمؤمنات جناتٍ تَجْرِى مِن تحتها الأنهارُ. ولذلك لم تَدْخُل الواوُ التي تَدْخُلُ في الكلام للعطف، فلم يَقُلْ: ولِيُدْخِلَ المؤمنين.


(١) بعده في م: "به".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "يجدونه".
(٣) في م، ت ٢، ت ٣: "أو".
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٨ إلى المصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، بلفظ: " … فأعلم الله سبحانه نبيه ما يفعل به وبالمؤمنين جميعًا".