للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معمرٍ عنه، وذلك أن الله تعالى ذكرُه أخبَر عن الذين يدعوهم المشرِكون آلهةً أنهم يبتغون إلى ربِّهم الوسيلةَ في عهدِ النبيِّ ، ومعلومٌ أن عُزيرًا لم يكُنْ موجودًا على عهد نبيِّنا ، فيبتغِيَ إلى ربِّه الوسيلةَ، وأنَّ عيسى قد كان رُفِع، وإنما يبتغِي إلى ربِّه الوسيلةَ من كان موجودًا حيًّا يعمَلُ بطاعةِ اللهِ، ويتقرَّبُ إليه بالصالحِ من الأعمالِ، فأمَّا من كان لا سبيلَ له إلى العملِ، فبم (١) يبتغى إلى ربِّه الوسيلةَ؟! فإذ (٢) كان لا معنى لهذا القولِ، فلا قولَ في ذلك إلا قولُ مَن قال ما اخترَنا فيه مِن التأويلِ، أو قولُ مَن قال: هم الملائكةُ، وهما قولان يحتمِلُهما ظاهرُ التنزيلِ.

وأما الوسيلةُ فقد بيَّنا أنها القُربةُ والزُّلفةُ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عباسٍ: الوسيلةُ القُربةُ (٣).

حدَّثنا ابن عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿الْوَسِيلَةَ﴾. قال: القربةُ والزلفةُ (٤).

القولُ في تأويلِ قوله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ


(١) في ت ١، ت ٢، ف: "فهم".
(٢) في ت ١، ت ٢: "فإذا".
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٨٠ إلى عبد بن حميد والفريابي والمصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم، وينظر فتح البارى ٨/ ٣٩٧.
(٤) في ص، ت ٢، ف: "الزلفا"، وفى م: "الزلفى". والأثر أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٣٧٩ من طريق معمر به، وينظر تفسير ابن كثير ٥/ ٨٧، والفتح ٨/ ٣٩٨.